الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أشهد أن لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سبيله القويم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: أيها الإخوة! الموضوع الذي سنتحدث عنه موضوع مهم جداً، وإذا تأملت معي -يا أخي المسلم- أهمية هذا الموضوع في الحياة التي نحياها الآن، لوجدته أمراً ذا بال، وأمراً خطيراً جداً.
نحن الآن -أيها الإخوة- عندما نؤدي هذه الأركان وهذه العبادات لله عز وجل، يشعر الإنسان المسلم أحياناً بأنه متثاقل وهو يؤدي هذه العبادات يشعر بأن عليه مشقة كبيرة جداً لأداء صلاة الفجر أو أداء صلاة الجماعة في المسجد.
وعندما يخرج الصدقات والزكوات يحس بأنه يجاهد نفسه لكي يخرج هذه الأموال، فيشعر بمشقة.
وكذلك إذا دعا داعي الجهاد في سبيل الله وجدت الأمر صعباً.
وكذلك إذا جاء الإنسان المسلم الذي هداه الله عز وجل ليستقيم على شرع الله، ويلتزم بأحكام الله، وجد المجتمع يؤذيه من كل جانب، ووجد أقرب الناس إليه وأحب الناس إليه يؤذونه ويثبطونه عن المضي في هذا الطريق.
وامرأة مسلمة هداها الله إلى الإسلام تريد أن تلتزم بالحجاب تحس بأن الالتزام بالحجاب صعب جداً.
وتاجر مسلم يريد أن يطهر أمواله من الربا، وينقيها من الحرام، يحس بأن هذا العمل شاق وصعب وشديد.
الإنسان مع إخوانه في الله وهو يعيش معهم قد ينزغ الشيطان بينه وبينهم في أشياء كثيرة، وتعاملات عديدة، فلا يعجبه تصرف من هذا، أو قولة من ذلك إلى آخر تلك الأمور التي تحدث، مما يجعل الإنسان -أحياناً- يفكر في أن يترك إخوانه في الله -مثلاً- فكونه يجلس معهم ويجاهد نفسه للبقاء معهم أمرٌ عسير وشاق؛ هذه الأمور وغيرها -أيها الإخوة- مزاولتها تحتاج إلى صبر شديد؛ هذا الصبر الذي سنتحدث عنه، هو الذي يسهل هذه الأمور ويذلل الصعاب أمام الإنسان المسلم وهو يسير في طريقه إلى الله تعالى.
فتعالوا بنا لنتعرف على هذه الكلمة العظيمة (كلمة الصبر) ونعرف معناها في اللغة والشرع؟ وكيف أتت في القرآن والسنة؟ وما هي أقسام الصبر؟ وما هي الأسباب الجالبة له؟ وما هي أنواعه من حيث تعلقه بأشياء كثيرة؟