للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تمتيع الزوجة المطلقة]

وقد ذكر الله في كتابه أنه لو تزوجها ولم يفرض لها صداقاً ثم طلقها قبل المساس بها أن لها المتعة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره؛ أن يمتعها وجوباً إذا لم يسم لها صداقاً وطلقها قبل المساس بها، يمتعها ويعطيها مالاً على حسب حاله.

وأما تمتيع الزوجة المطلقة في غير هذه المسألة فإنه سنة مؤكدة، لكل إنسان مسلم زوج إذا طلق زوجته أن يعطيها غير المهر متاعاً، قال الله تعالى عن هذه السنة المهجورة من كثير من المطلقين، بل لا تجد في المطلقين من يطبق هذه السنة إلا القليل جداً والنادر، قال الله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة:٢٤١]، {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ} [البقرة:٢٤١] حتى التي دخل بها، حتى لو بقيت عنده عشرين سنة {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة:٢٤١]، فمع أنه أوفاها مهرها في الأول وأعطاها نفقتها كاملة طيلة عشرين عاماً، ثم طلقها فإن التمتيع بالمعروف هو سنة مؤكدة جداً؛ لأن الله قال: {حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة:١٨٠]، فإذا كنت تقياً يا أيها المطلِّق فلا تنس أن تعطيها مما أعطاك الله في وداعها بعد الطلاق، وأن تقدم لها ما يجبر خاطرها الذي انكسر بالطلاق.

هذا المتاع وهذا التمتيع الذي ندر من يفعله في هذا الزمان هو شيء يدل على الوفاء، ويدل على المفارقة بإحسان؛ لأن كثيراً من حالات الطلاق تنتهي بالمضاربات والمشاتمات واللعنات والمسبات بدلاً من أن تنتهي بهذا المتاع الذي ذكره الله في كتابه فقال: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة:٢٤١] فأين المتقون الذين يؤدون المتاع إذا طلقوا فترجع المرأة إلى بيت أهلها إذا طلقت وفي نفسها ما يطيبها على ذلك المطلق من جبران شيء من الكسر الذي حصل للخاطر بسبب الطلاق؟