هذه الرجولة التي يصفها الله تعالى في القرآن، أن مِن أهلها مَن يؤيد الرسل في دعوتهم ويناصرهم، ويبين للناس أن ما جاءت به الرسل هو الحق، ويعين الرسل ويساعدهم.
قال تعالى:{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ}[يس:٢٠] مَن الذي جاء؟ هل جاء جيش جرار، أو فئامٌ كثيرة من الناس؟ {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ}[يس:٢٠] جاء من آخر المدينة {رَجُلٌ يَسْعَى}[يس:٢٠] يشتد، ولماذا جاء؟! ألأن هناك سوقاً أو حراجاً لا يريد أن يفوته منه شيء؟! ألأن هناك أسهماً تباع لا يريد أن يفوت منها شيء؟! كلا -أيها الإخوة- {قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[يس:٢٠ - ٢١] اتبعوهم، اتبعوهم هؤلاء الرسل {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[يس:٢٢].
ثم يبين عرض حقائق العقيدة، التصورات النقية الصافية الخالية من شوائب الشرك، حتى توفاه الله عز وجل فقال:{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}[يس:٢٦ - ٢٧].
فمن صفات الرجولة -أيها الإخوة- أن نكون نحن الذين نسمي أنفسنا رجالاً، أن نكون أعواناً للرسل، حرباً على أعداء الرسل، وليس حرباً على الرسل، أن نكون مؤيدين لدعوة الرسل، لا مثبطين عن دعوة الرسل، أن نكون مستجيبين لدعوة الرسل، متبعين لا عاصين ولا مبتدعين ولا معاندين.
هذه الصفة -أيها الإخوة- كم من الرجال من يمتلكها اليوم؟! كم من الرجال من يؤيد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم؟! إنهم قليل.
وفي حال الخوف يتقدم الرجال بالنصح لله عز وجل، رغم الخوف الذي يكتنفهم، وأجواء الإرهاب التي تحيط بهم، فيقومون بواجب النصيحة رجل واحد يفعل أفعالاً لا تفعلها أمة بأسرها، رجل واحد يعدل غثاءً، بل إنه يرجح على هذا الغثاء المترامي الأطراف، الذي لا يجمعه تصور واحد، ولا منهج واحد، ولا عقيدة واحدة، يقوم هؤلاء الرجال بواجب النصح لله عز وجل، ويحذرون أولياء الله من المخاطر التي تحدق بهم.