ومن ثمرات الإخلاص أيضاً: ما جاء في هذا الحديث العظيم عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (كان ابن عمٍ لي ما أعلم من الناس من أهل المدينة ممن يصلي إلى القبلة أبعد بيتاً من المسجد منه، فكان يحضر الصلوات كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: لو اشتريت حماراً تركبه من الرمضاء -يعني: من شدة الحر- يحميك أو يقيك من هوام الأرض - الحشرات والدواب المؤذية- قال: والله ما أحب أن بيتي يلصق بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم -ما أحب أن بيتي ملاصقاً للمسجد- فما سمعت كلمةً أكره إلي منها -تعجب- أي أن أبي يقول: كرهت كلامه كيف أنه لا يريد أن يكون بيته ملاصقاً للمسجد، ولو كان بيته ملاصقاً للمسجد لكره هذا الأمر، قال: فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال: يا نبي الله! لكي ما يكتب أثري ورجوعي إلى أهلي وإقبالي إليه) أي: أنا لا أريد أن أصير بجانب المسجد لكي إذا أتيت من بعيد يكتب لي الأجر الممشى من البيت إلى المسجد ومن المسجد إلى البيت، لأن الإنسان في قدومه لصلاة الجماعة لا يكتب أجره فقط من البيت إلى المسجد وإنما أيضاً من المسجد إلى البيت، فالرجل يقول: أنا لا أود ولا أتمنى أن يكون بيتي ملاصقاً للمسجد؛ لأني أريد أن آتي هكذا دائماً لكي يكتب لي الأجر جيئة وذهاباً، فقال صلى الله عليه وسلم:(أنطاك الله ذلك كله) أنطاك الله بلغة أهل اليمن يعني: أعطاك الله وفي رواية: (لك ما نويت) أو قال: (لك أجر ما نويت) وفي مسلم: (لك ما احتسبت).