للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلام الكوثري على ابن القيم وبيان خطئه في ذلك]

ومع الأسف! لقد ظهرت عداوة لـ ابن القيم -رحمه الله- ليس في حياته فقط والتي سجن وأوذي في مواضع عديدة، ولكن بعدما مات، ففي هذا القرن ظهر في مطلعه شخصٌ غريبٌ، كان متخصصاً في شتم ابن القيم وشيخه ابن تيمية -رحمهما الله- وهو الكوثري، حيث يقول: ولقد سئمت من تتبع مخازي هذا الرجل المسكين الذي ضاعت مواهبه في البدع!! يقصد ابن القيم.

وقال: ابن قيم الجوزيه لم يكن غير شيخه في المعنى، بل هما قماش واحد، ذاك ظهارته وهذا بطانته، ذاك يسود وهذا يبيض، عمله جله تسويق بضائع شيخه بحيث تروج؛ حتى أن ابن القيم يقلده في كل شيء، وليس له رأيٌ خاصٌ قطعاً على سعة علمه.

ويقول: هذا ابن القيم نسخة كربونية عن ابن تيمية!! ولذلك تصدى بعض أهل العلم لهذه الفرية، وبينوا أن ابن القيم شخصية مستقلة وليس تابعاً ابن تيمية ابن القيم ذكي عميق محقق مدقق ليس بالسهل أن يقلد أي أحد؛ ولذلك إذا نظرت -مثلاً- إلى كتبه وإلى من نقل عنه، تجد أنه نقل عن طائفة كثيرة من أهل العلم غير ابن تيمية، وفي كتب ابن القيم مباحث مثل: تأليفه لبعض الكتب ما جمع مثل ابن تيمية مثل: كتابه القيم مفتاح دار السعادة، وزاد المعاد، وحادي الأرواح، وبدائع الفوائد لا يعرف أن لـ ابن تيمية مثل هذه المؤلفات.

وكذلك من الأمور الدالة على أن ابن القيم ليس نسخة كربونية عن ابن تيمية: أنه قد خالف شيخه في أمور، مثل: بعض أحكام الرضاعة، إذا قطع الرضيع الرضاعة بتنفس هل تعتبر واحدة، أو اثنتين؟ وفي عدة الآيسه، وفي اشتباه الأواني، وفي مسألة فسخ الحج إلى عمرة نقل قول ابن عباس، ثم قال: وأنا إلى قوله- أي: إلى قول ابن عباس - أميل مني إلى قول شيخ الإسلام.

فإذاً لم يكن مقلداً لـ ابن تيمية، ولا نسخة عنه، ولكن من الطبيعي أن يستفيد التلميذ من الشيخ، ويأخذ عنه علماً غزيراً كما حصل، والحقيقة أن ظهور ابن تيمية -رحمه الله- في ذلك الوقت الذي فشت فيه البدع سواءً بدع في العقائد؛ كبدع الجهمية والأشاعرة والمرجئة، وبدع الصوفية، وبدع التعصب المذهبي بدع كثيرة جداً ظهرت قيض الله لها شيخ الإسلام، فكشف زيغ تلك البدع، وأظهر الحق، وقيض له تلاميذ، مثل: ابن القيم رحمه الله ساروا على نهجه في كشف الباطل، وإظهار الحق للناس؛ ولذلك لا شك أن لكل منهما جانبٌ عظيمٌ من جوانب التجديد لهذا الدين، ومع ذلك- سبحان الله! - كأن الله يريد أن يرفع منزلة هذا الرجل، ويعظم أجره بعد موته، فظهر له أعداء تكلموا عنه؛ حتى قال المسكين - الكوثري - في كتابه السيف الصقيم في الرد على ابن الزكيم، قال: يعيره بجده لأمه، ولا ندري من أين اخترع هذه التسمية، يقول: كافر ضال مضل.

زائغ مبتدع وقح كذاب حشوي جاهلي مهاتر خارجي غبي من إخوان اليهود والنصارى من محاربين الدين والخلق!! هذا يقوله الضال الكوثري في ابن القيم -رحمه الله تعالى- وهذه عبارة عن صرير باب وطنين ذباب حيلة عاجز، وحجة عجائز، وابن القيم -رحمه الله- لا يضيره شيء، قال الشاعر:

ما يضر البحر أمسى زاخراً أن رمى فيه غلامٌ بحجر