لا بد أن يراعي الإنسان الحكمة عند طرح النصيحة؛ لأن النصيحة أحياناً تؤدي إلى تفرق الشمل، أو تؤدي إلى منكر أكبر من المعروف الذي تحمله في طياتها، فلذلك على الإنسان المسلم أن يكون حكيماً ويقدر أبعاد الأمور عندما ينصح، قد يكون من الحكمة أن تؤخر النصيحة إلى مستقبل قريب؛ لأن هذا الوقت ليس وقت طرحها، فمن القواعد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن الإنسان لا يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر إذا كان سيؤدي إلى منكر أكبر منه، أو يضيع معروفاً أكبر من المعروف الذي يدعو إليه.
ولقد نهى الله عز وجل الصحابة رضوان الله عليهم عن سب آلهة المشركين، مع أن سب آلهة المشركين من الأمور المشروعة؛ لأنها آلهة زائفة، ومع ذلك فقد نهى الله عز وجل صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في ظرفٍ من الظروف ووقت من الأوقات عن سب آلهة المشركين، لماذا؟ يقول الله عز وجل:{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام:١٠٨] لأن سب آلهة المشركين ستؤدي إلى أن يسب الكفار الله عز وجل، وسب الكفار لله عز وجل منكر عظيم جداً، فلذلك إذا علمت أن الشخص الآخر سيسب الدين، أو يسب الرب عز وجل جراء النصيحة التي ستنصحه بها، فإنه في هذه الحالة لا يستحسن أن تنصح، وتؤخر أو تتخذ وسيلة أخرى تتلافى بها هذه السلبية.