أحياناً يكون من الحكمة في النصيحة أن تتدرج أثناء عرضها، شخص -مثلاً- يرتكب مجموعة من المنكرات وأنت ترى أن تنصحه في أكبر هذه المنكرات، تبدأ بالمنكر الأكبر مثلاً، لا يعني هذا تدرجك في عرض النصيحة عليك أن تنصحه في هذه المسألة أولاً، وبعد فترة من الزمن تفتح معه موضوعاً آخر، وبعد فترة ثالثة تفتح موضوعاً ثالثاً وهكذا هذا لا ينافي صراحة الإسلام، ولا ينافي عرض الحق على الناس، لأنك لا تلغي هذا المنكر من حسبانك أو تهمله تماماً، وإنما تؤجله إلى وقته المناسب وفي نيتك أنك ستطرحه في يومٍ من الأيام عندما ترى الوقت مناسباً بدون دخول الهوى في الموضوع؛ لأنه إذا دخل الهوى فإن الوقت المناسب لن يأتي أبداً، وأحياناً يتطلب أن تنصح الشخص بجميع ما فيه، مثلاً: أنا وجدت شخصاً في طريق وهو مسافر، ولن أجد هذا الشخص مرة أخرى، أو يغلب على ظني أني لن ألقاه مرة أخرى، ولن يكون عندي الوقت أصلاً حتى أتدرج معه؛ لأني لم أمكث معه فترة طويلة من الزمن، فوجدت عليه منكراً من المنكرات في مظهره، فلا بأس أن أكلمه مباشرة، لأن هذا هو الوقت الوحيد، واتبع قاعدة: قل كلمتك وامشِ، تقول له: يا أخي! هذا الذي تفعله -مثلاً- في مظهرك يخالف الإسلام، فأحياناً يكون التدرج حكمة، وأحياناً يكون تمييعاً للفكرة الإسلامية، وأحياناً يكون عرض النصيحة بشكل يمس جميع الأشياء الواقعة في هذا الشخص من المنكرات تهوراً ومنفراً، وأحياناً يكون حلاً بل هو الحل الوحيد.
فإذاً: على الداعية إلى الله الناصح أن يميز في المواقف والأوقات والأحوال، بين ما هو مناسب في التدرج وعدمه.