فخرجنا من بيتنا يصحبنا بعض تلامذتنا إلى قرية اسمها كيفا فوصلناها في مدة خفيفة، والجمال تسعى بنا في الأودية والرمال، وفي مدة إقامتنا في كيفا، سألتنا كريمة من بنات العم وهي أم الخيرات عن مسألتين فيما يحيك في النفس من عدم الفرق بين علم الجنس واسم الجنس، انظر هذه من النساء تسأل في مسألة لا نعرف معناها، فضلاً عن الراجح فيها، وما هي الأقوال فيها ونحو ذلك.
فأجاب رحمه الله في أربع صفحات وعن السؤال الثاني في صفحة ونصف، قال: ثم ارتحلنا من كيفا عشية بعد أن توادعنا مع من يعز علينا، يُشيعنا فلان وفلان، فمررنا في الطريق بـ أم البوادي أم الخز، ونزلنا عند حي من قبيلة الأقيال اسمها حلة أهل الطالب جدة، فأحسنوا إلينا غاية الإحسان، ومن جملة من زارنا عالم ذلك الحي ومفتيه، الشيخ الأستاذ محمد فال بن أحمد نوح، فسألنا عن قول الأخضري في سلمه -في كلامه- على القياس الاستثنائي، وذكر البيت وجوابه عن القياس الاستثنائي، وبعد ذلك تابع المسيرة، قال: فصلنا عند قرية تامشقط عند صلاة المغرب، فزارنا جُل من فيها من الأكابر والعلماء، وعاملونا معاملة الكرماء، وذكر الذين نزلوا عنده صاحب البيت، وفلان وفلان، ودارت المذاكرة في البيت، والسؤال عن مسألتين فذكرهما، ومنهما تحقيق الفرق بين خطاب التكليف وخطاب الوضع، فأجاب عن ذلك في ثلاث صحائف، الأولى والثانية في صحيفة.
ثم قال: ثم ذهبنا من قرية تامشقط قبيل غروب الشمس، ونحن على جمالنا في أخريات جمادى الآخرة، وشيعنا جّل من فيها من الأكابر وودعونا وقدم لنا وقت الوداع العالم الأديب الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن جدة بن خليفة القلاوي أبياتاً:
مني إلى المعهود ذي الفتح الجلي درع الكماة إذا التقت في الجحفل