إن تذكر منازل الآخرة من الأمور المعينة على تجديد الإيمان في القلب، يقول ابن القيم رحمه الله: وإذا صحت الفكرة أوجبت له البصيرة، وهي نور القلب يبصر به الوعد والوعيد والجنة والنار، وما أعد الله في هذه لأوليائه، وفي هذه لأعدائه، فأبصر الناس وقد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحق، وقد نزلت ملائكة السماء، فأحاطت بهم، وقد جاء الله ونصب كرسيه لفصل القضاء، وقد أشرقت الأرض بنوره ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء، وقد نُصب الميزان وتطايرت الصحف واجتمعت الخصوم، وتعلق كل غريم بغريمه، ولاح الحوض وأكوابه عن كثب، وكثر العُطاش وقلّ الوارد -قل الوارد على الحوض والناس عطاش؛ لأنه ليس لأي واحد أن يرد الحوض- ونُصب الجسر للعبور -الصراط على جهنم- ولز الناس فيه، وقُسمت الأنوار دون ظلمته للعبور عليه بحسب أعمالهم -يأتون الأنوار وهم يسيرون على ظلمة الجسر- فالذين عملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم، فيمرون على الجسر المظلم مروراً عظيماً، بخلاف المنافقين الذين يُسلب منهم النور، فيتعثرون ويسقطون في جهنم.
والنار يحطم بعضها بعضاً تحته -تحت هذا الجسر- والمتساقطون فيها أضعاف الناجين، فينفتح في قلبه -عندما يتأمل الإنسان أحوال الآخرة ومنازلها- تنفتح في قلبه عين يرى بها كل هذه الأمور، ويكون في قلبه شاهدٌ من شواهد الآخرة، يريه الآخرة ودوامها والدنيا وسرعة انقضائها.
ولذلك تجد القرآن العظيم فيه اهتمام كبيرٌ بذكر منازل الآخرة؛ لكي يُقبل هذا القلب على الله ويخاف ويرجو الله، فيتجدد الإيمان فيه.
ولذلك كان من الأمور المهمة في هذا الجانب قراءة الكتب التي تتكلم عن الدار الآخرة، وعن الحشر، والحساب، والجنة والنار، وظل الرحمن، والشمس عندما تدنو من الخلائق، والصراط، وبعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وما يحدث من ذبح الموت.
والكتب التي تتكلم عن هذه التفاصيل قراءتها مهمة حتى يبقى الإنسان على صلة بهذه الأشياء.