الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية عطرة تلك التحية التي حيّا بها أبونا آدم عليه السلام، وهي تحية أهل الجنة فيما بينهم، وهي التحية التي هي من أسباب المحبة فيما بيننا، فإذا أراد عباد الله أن يتحابوا فيما بينهم فليفشوا السلام.
أيها الإخوة! نفوسنا ملك لله تعالى خلقها وسواها {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}[الشمس:٧ - ١٠] نفسك التي بين جنبيك خلقها الله عز وجل، وهداها ودلها، وأرشدها إلى الخير والشر {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}[البلد:١٠] هذه النفس إذا زكيتها بطاعة الله أفلحت ونجحت، وإذا دسيتها بمعصية الله خابت وخسرت.
هذه النفس يمكن أن تكون أعدى الأعداء {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}[يوسف:٥٣] ويمكن أن تكون نفساً عزيزة كريمة مطمئنة {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}[الفجر:٢٧ - ٣٠].
وإذا كانت تلومك على ما فعلت من الشر فهي نفس طيبة لوامة أقسم الله بها {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}[القيامة:٢] هذه النفس تحتاج إلى ترويض لكي تزكو فتفلح أنت يا صاحبها وتنجح.
قال ابن الجوزي:" والنفس كالمرأة العاصية في المداراة والسياسة، فهي تدارى عند نشوزها بالوعظ، فإذا لم تصلح فبالهجر، فإن لم تصلح فبالضرب، وليس في سياط التأديب أنفع من العزم والمجاهدة والمنع ".