للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وضع النقود في البنوك]

سأل كثيرٌ من الإخوان: عن حكم وضع النقود في البنوك؟ هذه مسألة مهمة لكثرة الحاجة إليها، والحمد لله أن أهل العلم قد بينوا هذه المسألة، ونختصرها لكم، فنقول: الأصل عدم جواز وضع النقود في البنوك؛ لأن ذلك حرام، والدليل قوله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢] وأنت عندما تضع النقود تكون بذلك قد ساعدتهم في إقراضها أو الإقراض منها بالربا لأشخاص آخرين، ولكن الله عز وجل رحيم بعباده، والشريعة لا تقول لك: لا تضعها في البنك ولو سرقت أو ضاعت، ولذلك أفتى علماؤنا بجواز وضع النقود في البنوك للضرورة حتى لا تسرق أو تضيع مثلاً، وقالوا: يختار أقل البنوك تعاملاً بالحرام، لأنها كلها فيها حرام، فيختار أقلها تعاملاً بالحرام حسب اجتهاده هو، قد نختلف أنا وأنت أي البنكين أبعد عن الحرام؟ لا بأس، تجتهد في وضع نقودك في أبعد الأمكنة عن الحرام فماذا تفعل بالفائدة؟ سيسجلون لك فائدة، ماذا تفعل بالفائدة؟ يقول الشيخ عبد العزيز حفظه الله: ولا يجوز اشتراط فائدة حتى ولو كان سينفقها في الخير، أنت إنسان تقي لا تريد أن تأخذ الفوائد، لكن تقول: أشترط عليهم فوائد حتى أعطي للفقراء، فلا يجوز لك أن تشترط؛ لأن الشرط حرام أصلاً، والغاية لا تبرر الوسيلة، ويقول الشيخ: فإن دفعت إليه الفائدة من غير شرط ولا اتفاق فلا بأس بأخذها لا له ولكن ليعطيها الفقراء.

وملخص الفتوى: أنك إذا دفعت إليه الفائدة من غير شرط، فلا بأس بأخذها لصرفها في المشاريع الخيرية، كمساعدة الفقراء والغرماء المديونين ونحو ذلك، لا ليتملكها أو لينتفع بها، وربما كان الأفضل أخذها وعدم تركها للكفار يستفيدون منها، وأما شراء أسهم البنوك فإنه حرام، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:٢] وأنت عندما تشتري أسهم البنوك فإنك تكون مساهماً ومشاركاً في عمليات البنك التي منها الربا الواضح.

فإن قلت لي: ماذا أفعل بأسهم البنوك التي لدي؟ أقول لك: ليس لك إلا رأس مالك، تبيعها وتبيع على البنك الأحوط لا تبيع على مسلم آخر، وتأخذ رأس مالك وتتخلص من الباقي، وأما أسهم الشركات فكانت الفتوى فيها أن الشركة إذا كان عملها مباح كصناعة أو زراعة مثلاً فيجوز المساهمة فيها، لكن إذا اكتشفت أنها تتعامل بالربا فلا يجوز لك أن تساهم، لأن بعض الشركات لا يخاف أربابها من رب العالمين، يضعون أموال الشركة في البنوك ويأخذون الربا ويوزعون منه الأرباح على المساهمين، فإذا اكتشفت ذلك فبع الأسهم ولا تشترك معهم، والعمل في البنوك حرام، والدليل على ذلك: (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) والحارس في البنك عمله حرام كما أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء والدليل: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢] وهو بحراسته يتعاون معهم على الإثم والعدوان.