يقول أبو موسى الأشعري:(بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بـ اليمن) يمكن أن يكون المخرج البعثة، ويمكن أن يكون الهجرة، بلغتهم الدعوة فأسلموا وأقاموا ببلاد اليمن، وأهل اليمن سباقون إلى الخيرات، أقاموا ببلادهم إلى أن عرفوا أن الهجرة واجبة، وأنه لا بد من الهجرة، فعزموا عليها، لكن الذي أخرهم إما عدم بلوغ الخبر إليهم، أو عدم علمهم بما كان المسلمون فيه من المحاربة مع الكفار، لم يكن هناك وسائل اتصال في القديم مثل الآن لتعرف الأخبار أول ما تقع، فربما يمكث الواحد شهوراً لا يعرف ماذا يحدث في المكان الآخر، فلما بلغتهم المهادنة طلبوا الوصول إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وربما أنهم مروا بـ مكة في حال مجيئهم إلى المدينة، ويجوز أن يكون هذا المرور في وقت الهدنة بين النبي عليه الصلاة والسلام وكفار قريش.
يقول أبو موسى:(أنا وأخوان لي، أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة -واسمه عامر - وأبو رهم -الثاني واسمه مجديّ بالياء المشددة-) وهؤلاء من الأشعريين من أهل اليمن، وقد صارت هذه الكلمة تطلق بعد ذلك على الأشعريين، وهم غير الأشاعرة، أما الأشاعرة فلهم منهج في العقيدة ليس سوياً ولا مستقيماً، وفيه انحراف عن جادة السلف في الأسماء والصفات، وبعض القضايا الأخرى المتعلقة بالإيمان والقضاء والقدر ونحو ذلك من قضايا العقيدة.
أما الأشعريون فهم قوم من اليمن منهم أبو موسى الأشعري، معه أخوان له، ومعهم ثلاثة وخمسون أو اثنان وخمسون رجلاً من قومهم.
ويقول: فوافقنا جعفر بن أبي طالب أي: اتجهت السفينة من اليمن عن طريق البحر إلى الحبشة، ووافقوا جعفر بن أبي طالب في الحبشة، لأن جعفر بن أبي طالب خرج مع بعض المسلمين مهاجراً من مكة إلى الحبشة لما اشتد عليهم أذى قريش، وقاموا بما يستطيعون من الدعوة هناك، والمحافظة على هذه المجموعة التي ذهبت إلى هناك حتى رجعوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام بعد خيبر.
فالتقى أبو موسى ومن معه بـ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومجموعة المسلمين هناك، وأقاموا معهم حتى هاجروا جميعاً مع جعفراً إلى المدينة، وقد جاء في رواية أن جعفر قال لهم:[إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا هنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا] فـ جعفر بن أبي طالب كان مقيماً في الحبشة بناءً على أوامر من النبي عليه الصلاة والسلام، ولما قدموا المدينة كان مع جعفر بن أبي طالب زوجته أسماء بنت عميس، ومن اليمنيين أبو موسى وجماعته، وجاء خالد بن سعيد بن العاص وامرأته، وأخوه عمر بن سعيد ومعيقيب بن أبي فاطمة.