ومن علاج حب الرئاسة: التفكر في العاقبة يوم الدين، يوم الجزاء والحساب، يوم يحاسب كل إنسانٍ:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً}[آل عمران:٣٠] يوم الحساب؛ لأن فيه محاسبة قال النبي عليه الصلاة والسلام:(إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي، أولها: ملامة، وثانيها: ندامة، وثالثها: عذابٌ يوم القيامة إلا من عدل) وقال عليه الصلاة والسلام: (إنكم ستحرصون على الإمارة، وإنها ستكون ندامةً وحسرةً يوم القيامة، فنعمَ المرضعة وبئست الفاطمة) نعم المرضعة في الدنيا بما تأتي على صاحبها من المنافع وتجر له من الجاه والأموال والبسط والنفوذ، ولكن بئست الفاطمة بالموت الذي يهدم لذاتها، ويورث النفس الحسرات، بما سيكون يوم القيامة، هذا أمر خطير ينبغي أن يحسب له حسابه، لا يتقدم إنسان ويتجرأ على منصب أو مكان أو مسئولية إلا وهو يضع نصب عينيه ماذا سيحدث له يوم القيامة ويحاسب نفسه قبل أن يحاسب، قال عليه الصلاة والسلام:(ليتمنينَ أقوامٌ ولوا هذا الأمر أنهم خروا من الثريا وأنهم لم يلوا شيئاً) سيأتي عليهم يوم يندمون ويتمنون لو أنهم خروا من السماء -نجم الثريا الذي في السماء- خروا إلى الأرض وأنهم ما تولوا شيئاً من أمور الناس لما حصلَ منهم من الخيانة أو التقصير أو الإثم والاعتداء والظلم، وقال عليه الصلاة والسلام:(ليودَّنَّ رجلٌ أن خرَّ من عند الثريا وأنه لم يلِ من أمر الناس شيئاً).
ولذلك كان أحد الخلفاء يقول:[وددت أني خرجت منها كفافاً لا لي ولا علي] من عظم استشعار المسئولية، ولو حصل خطأ أو شيء جلس يبكى، كيف هو مقصر، كيف لم يعلم عن هذه الأمة، أو كيف لم يعلم عن هؤلاء الناس والأفراد، وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً خطورتها أيضاً:(لابد من العريف، والعريف في النار) أما العريف فهو: الذي يلي أمر القبيلة أو الجماعة من الناس.
رئيس الفوج من الجنود المتولي عليهم، المراتب العسكرية كل مرتبة تحته أشخاص، كلما ازدادت رتبته ازداد عدد الأفراد الذين يشرف عليهم، (لابد من العريف والعريف في النار) لابد من العريف لأنه لا يمكن أن يستقيم أمر الناس بدون عرفاء، لابد من وجود مسئولين ينظمون الأمور، والعريف في النار إذا لم يعدل، فهذا مقيد بعدم العدل وحصول الظلم منه يكون في النار، أما إذا عدل واستقام، فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمامٌ عادل؛ تولى وعدل.