كان يرافق بعض المشهورين بالشجاعة، كـ قَطَرِي بن الفجاءة، والمهلب بن أبي صُفْرة؛ ولذلك تعلم الشجاعة وتربى عليها.
قال هشام بن حسان: كان الحسن أشجع أهل زمانه.
وقال جعفر بن سليمان: كان الحسن من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقَدِّمُه.
فهذه ميزة في الحسن رحمه الله، وهو معروف برقة القلب وبالوعظ، ولو سألت إنساناً وقلت له: ما هو انطباعك عن الحسن؟ فسيقول لك: هو زاهد وواعظ.
وهذا صحيح؛ لكنه قلَّما يُعرف بأن الحسن كان رجلاً شجاعاً مقداماً مقاتلاً، وكان يُقَدَّم في القتال، كان قوي البنية، شديد البأس، وهذا يدل على أن الإنسان الزاهد الواعظ ليس من طبعه الضعف، ولا تلازم بين ضعف البدن والزهد وأن يكون واعظاً، فقد يكون الإنسان واعظاً رقيق القلب، وهو من أشجع الشجعان، ولا تعني الشجاعة وقوة الجسد غلظة القلب بالضرورة أبداً.
كما أن رقة القلب وكثرة البكاء من خشية الله تعالى والوعظ لا تعني أن الواعظ يجب أن يكون ضعيف البدن، لا.
فهذا الحسن رحمه الله قوي البنية، ومع ذلك فهو رقيق القلب للغاية.
وأما من جهة الجهاد، فإنه رحمه الله كان كثير الجهاد ويخرج للقتال، ولذلك لا انفصام بين العالم والمجاهد، لا انفصام بين الوعظ والجهاد، كلها أمور تجتمع في شخصيات السلف رحمهم الله.