[الإنسانية الخالية من الإنسانية]
وكذلك من الدعوات الضالة التي استوردت الأفكار والتي تبناها بعض أبناء المسلمين وهي آتية من بلاد الكفار: الدعوة إلى الإنسانية.
وهذا مبدأ هدام وباطل، وهذه الدعوة إلى الإنسانية لها شعارات الحرية المساواة الإخاء، هذه شعارات الماسونية ما معناها؟ معناها كما يعبر محمد قطب جزاه الله خيراً ونفع الله به يقول: الإنسانية كما يدعونها أحياناً: دعوة براقة تظهر بين الحين والحين، ثم تختفي لتعود من جديد.
يا أخي كن إنساني النزعة، وجه قلبك ومشاعرك للإنسانية جمعاء، دع الدين جانباً، فهو أمر شخصي، علاقة خاصة بين العبد والرب محلها القلب، ولكن لا تجعلها تشكل مشاعرك وسلوكك نحو الآخرين الذين يخالفونك في الدين، فإنه لا ينبغي للدين أن يفرق بين الإخوة في الإنسانية، تعال نصنع الخير لكل البشرية غير ناظرين إلى جنس أو لون أو دين، ثم هذا معنى العبارة الماسونية: اخلع عقيدتك على الباب كما تخلع نعليك.
إذاً: يريدون أن يكون المسلمون والنصارى واليهود والشيوعيون والوثنيون والبهائيون والقديانيون والمجوس كلنا إخوة في الإنسانية.
يا أخي! هذه قضية إنسانية، نحن إخوة في الإنسانية، نحن بشر، ليس هناك داعٍ أن تفرق بيننا أديان! هذه من الدعاوي الخطيرة جداً التي بثها اليهود، ولذلك يقولون في بروتوكولاتهم: كنا أول من اخترع كلمات: الحرية والمساواة والإخاء التي أخذ العميان يرددونها في كل مكان دون تفكير أو وعي، وهي كلمات جوفاء، لم تلحظ الشعوب الجاهلة مدى الاختلاف الذي يشيع في مدلوله بل التناقض، إن شعار الحرية والمساواة والإخاء الذي أطلقناه قد جلب لنا أعواناً من جميع أنحاء الدنيا.
تصور هذا كلامهم! ومن أشهر الشخصيات التي دعت إلى الإنسانية في حرارة لأجل إماتة الجهاد في سبيل الله في أبناء الهند إبان الاستعمار الإنجليزي هو المدعو سيد أحمد خان باهاجر، وهذه دعوة إلى الإنسانية، دخل في الأنظمة الدولية وقوانين الولايات المتحدة دخولاً عجيباً لتسيطر على أفكار المسلمين، فمثلاً: تجد عندهم في موادهم: يولد جميع الناس أحراراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء، وإن غاية ما يرموا إليه عامة البشر انبثاق عالمي يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة، ويتحرر من الفزع والفاقة.
بعض الناس يقول: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:٦] أي: كل واحد على دينه، والله يعينه، أي: ليس هناك إشكال، لكن ما معنى قول الله عز وجل: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:٦] معناه: أن الله عز وجل يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: قل لهم: لا مجال للالتقاء بيننا وبينكم أيها الكفار ألبتة، فإن لنا ديننا ولكم دينكم، ولا يمكن أن نلتقي معكم في منتصف الطريق أبداً، ولا يمكن أن يجمعنا شيء مطلقاً، وليس هناك عوامل مشتركة بيننا وبينكم، لكم دينكم ولنا ديننا، وهذا ديننا سنسعى لنشره والجهاد في سبيله لتكون كلمة الله هي العليا ونسقط أديانكم الكافرة، إن الإسلام ما جاء لصقع معين أو بلد معين أو منطقة معينة، بل أرسلناك للناس كافة، بشيراً ونذيراً للعالمين.
فإذاً: يجب أن يعم الإسلام الأرض، فعندما يأتي هؤلاء بدعوة الإنسانية ويقولون في دساتيرهم: لا يجوز استرقاق أي شخص، فإن هذا منافٍ لما أحل الله من أحكام الرق في الجهاد، وله فوائد عظيمة ولا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات والمعاملات القاسية والوحشية، ولكل شخص أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية، ومعناها: لا تلجأ إلى المحاكم الشرعية، ومعناها لا تلجأ إلى الله ورسوله، ولكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته، هذا يعني أن قول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة:٢٨] معناه لا نطبق هذا الحكم، والحمد لله نجد الآن بعض الحرص على تطبيق هذا المبدأ وعدم إدخال الكفار إلى منطقة الحرم، وإلا فهم عندما يقولون: لكل فرد حرية التنقل دون قيود، معناها أنك تسمح للكفار بالدخول.
وكذلك عندما تجد في قوانينهم: لكل فرد أن يغير عقيدته، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من بدل دينه فاقتلوه) فلو أن شخصاً واحد كان مسلماً، ثم قال ما أريد الإسلام وسوف أصير نصرانياً، وأريد أن أصير شيوعياً نقول: تعال فليس الأمر على هواك، هذا الإسلام يسري على الجميع، فعندما تغير دينك يقام عليك حد الردة وتقتل.
وهو حديث صريح: (من بدل دينه فاقتلوه) وهؤلاء أدعياء الإنسانية يقولون: كل واحد له حريته أي: يختار من الأديان ومن العقائد ما يشاء، فلا يقيد شخص شخصاً ولا يعتدي أحد على أحد.
ولذلك يقولون: كل واحد له حرية، أي: ليس هناك جهاد، فلماذا نجاهد؟ فإذا أردنا تطبيق كلامهم انتهى الجهاد وألغي الجهاد، لأنك لن تنشر الإسلام، كل الناس أحرار، كل واحد يأخذ على هواه، فأين نذهب بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة:٧٣].
وكذلك يقول أحد أصحاب هذا الاتجاه وهو فهمي هويدي بعنوان: المسلمون والآخرون أشواك وعقد على الطريق، وفي ثنايا كلامه يقول: إنه ليس صحيحاً أن المسلم صادق ومتفوق ومتميز لمجرد كونه مسلماً، وليس صحيحاً أن الإسلام يعطي أفضلية للمسلمين، ويجعل غيرهم في الدونية -أي: بالدون- لأنهم كفار.
تصور! يقول: ليس هناك ميزة للمسلمين فكل البشر مثل بعض! وكذلك سعوا إلى هدم دعائم العقيدة، ومن أوثقها: أن يكون الحب في الله والبغض في الله، ولذلك جعل بعضهم الإخاء، يقول التآخي إقامة علاقات المودة، كما ذكر محمد عبده في كتابه الإسلام والنصرانية وكذلك محمد أبي زهرة في محاضرات النصرانية، يصف أقباط مصر بأنهم إخوانه وأبناؤه وأصدقاؤه.
وكذلك يجعلون قواعد العلاقات الدولية في الإسلام تدور على نقاط هي: المساواة والتعاون والكرامة الإنسانية والتسامح والحرية والفضيلة والعدالة والمعاملة بالمثل والمودة وهكذا، يقول هذا أبو زهرة تحت عنوان: المودة: إن الأخوة الإنسانية العامة التي أوجب الإسلام التعارف يجب وصلها بالمودة والعمل على الإصلاح ومنع الفساد ولو اختلف الناس ديناً وأرضاً وجنساً، وإن المودة الموصولة لا يقطعها الحرب ولا الاختلاف في الدين، وفتح باب المودة للشعوب ينهي الحرب ويفتح باب السلام العزيز الكريم.
انظر ما معنى الكلام، معناها: نود جميع الناس وجميع الشعوب، مودة، وإخاء، حتى نفتح باب السلام العزيز الكريم.
معناه: انتهى الجهاد، ولا نشعر بعداء للكفار، بل نشعر أنهم إخواننا مثلنا مثلهم ونأخذ منهم ويعطوننا.