والإسلام يتعاهد النفوس ليغسلها من أدران الحقد يومياً وأسبوعياً وفي كل عام، أما بالنسبة ليومياً فهناك حديث نذكره هنا مع اختلاف العلماء في صحته لنستشهد به في هذا الباب، وهذا الباب على أية حال ليس من أبواب الاعتقاد ولا الحلال والحرام، قال النبي عليه الصلاة والسلام:(ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبراً: رجل أمَّ قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان) متقاطعان متدابران متهاجران متفارقان متكارهان، رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه، قال البوصيري في الزوائد: هذا إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال العلامة الألباني: فيه عبيدة، قال ابن حبان في الثقات: يعتبر حديثه إذا بين السماع وهو لم يبين السماع، فهذه العلة التي ذكرها، والشاهد من الحديث: قوله: (أخوان متصارمان) لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبراً.
أما بالنسبة لأسبوعياً: قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: (تعرض أعمال العباد في كل جمعة مرتين، يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبداً بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا) والآن تصور معي، في كل أسبوع تعرض الأعمال على الله، يغفر الله للمؤمنين إلا من بينه وبين أخيه شحناء فلا مغفرة، لهما، للشحناء.
وفي رواية أيضاً لـ مسلم:(تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس، فيغفر فيها لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أَنِظروا هذين حتى يصطلحا) فكم يفوته من الأجر العظيم كل أسبوع مرتين! يومان في الأسبوع الإثنين والخميس، يقال:(أنظروا هذين حتى يصطلحا) لا مغفرة لهذين حتى يصطلحا، حتى يفيئا.
إذاً: لا يجوز لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
وبالنسبة للشيء السنوي لموضوع الأحقاد، لاحظ معي الحديث:(إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه) ويدع أهل الحقد بحقدهم لا مغفرة لهم حتى يدعوا الحقد، وحتى يخرجوا البغضاء من قلوبهم، حتى يتصافوا ويكونوا إخواناً كما أمر الله، وفي رواية:(فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن) المشرك ليس له مغفرة، والمشاحن ليس له مغفرة، تباً لهم على ما حرموا من هذا الخير العظيم وهذه المغفرة العظيمة بسبب الحقد والشحناء.
هذا في الأسبوع يومان وكل سنة، فقضية الأحقاد موقوف أصحابها عند رب العالمين، لا مغفرة لهم، فالمسألة جادة أيها الإخوة.