للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التساهل في فتنة النساء]

ومن الأمور -أيها الإخوة- التي نعاتب أنفسنا فيها في موضوع الفتن، هذا التساهل الذي يحدث منا في فتنة النساء، من النظرة المحرمة، مخالفين قول الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠] ومخالفين قول حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تتبع النظرة النظرة) ولا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام قد حذرنا من فتنة النساء، وقال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) وقال: (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء).

واليوم بفعل هذا التبرج الشائع، وهذه الملابس التي هي زينة في نفسها والتي جعلت الأمر أشد، وهذه الروائح والأطياب التي شاعت وانتشرت ووضعت مما جعل الأمر أنكى وأسوأ، وهذا الخروج من البيوت وأماكن الاختلاط وموضوع التصوير، وشيوع الأفلام جعلت من فتنة النساء اليوم أمراً عظيماً لا يثبت أمامه إلا من عصمه الله.

ولا شك أننا في وضع لا نحسد عليه في هذه القضية، وكثيرون هم اليوم الذين يطلقون أبصارهم إلى ما حرم الله، ويقولون: نحن لم نفعل الفواحش، نعم لكنهم مصرون، لو فرضنا أن النظر من الصغائر فهم مصرون على الصغيرة والإصرار قد حولها إلى كبيرة.

كان أحد السلف في بعض المغازي فتكشفت جارية فنظر إليها فرفع يده فلطم عينه وقال: لحاظة إلى ما يضرك؟ وقال عمرو بن مرة بعدما عمي: ما يسرني أني بصير، قد كنت نظرت نظرة وأنا شاب.

وهو شاب حصل أنه نظر نظرة.

وعن سعيد بن المسيب قال: [ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء].

وقال لنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة قال: علي بن زيد وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما من شيء أخوف عندي من النساء.

هذا عمره أربعة وثمانون سنة، واحدة ذهبت والأخرى يعشو بها ويقول هذا! ونحن اليوم يحصل عندنا من التساهل في موضوع النساء أمر عظيم جداً، سواء في قضية أمرهن بالتستر والحجاب، أو التساهل في إخراجهن إلى أماكن الاختلاط والفساد، أو التساهل في النظر إليهن سواء كانت صوراً حية واقعية تتحرك في الشوارع والأسواق وعلى أبواب مدارس البنات والكليات وغيرها، أو كانت صوراً متحركة في أفلام، أو كانت صوراً مطبوعة في مجلات وأوراق، أقول: إن ما حصل من التساهل في هذا أمر عظيم جداً، قد جعل الكثيرين يقعون في المعاصي، وأمور تحركها الشهوات بسبب عدم غض البصر، ولربما وقع الواحد في فاحشة -والعياذ بالله- نتيجة تساهله، هذا التساهل الموجود عند بعض الناس في بعض القطاعات كما يوجد عند بعض الأطباء تساهل في النظر إلى المريضات، كما يحدث من تساهل بعض الباعة في النظر إلى النساء، وهم يعيشون بيئة من أسوأ البيئات، الباعة الذين هم في المحلات من كثرة ما يرون من الأجناس والأخلاط من هؤلاء المتبرجات أو السافرات المتعطرات الملعونات اللاتي لعنهن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (العنوهن فإنهن ملعونات) والمقصود لعن الجنس وليس لعن المعين، لعن هذا الجنس: المائلات المميلات؛ رءوسهن كأسنمة البخت، هؤلاء الكاسيات العاريات؛ بأن تكون لابسة شيئاً قصيراً أو شفافاً أو ضيقاً، وهذا هو حال كثيرٍ من النساء، وهن متوعدات باللعنة وهي الطرد من رحمة الله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (العنوهن فإنهن ملعونات).

هذا التساهل الحاصل من قبل بعض هؤلاء الأطباء أو الباعة وغيرهم من الذين يتعاملون في أوساط فيها نسوة، أو الموظفين في بعض الشركات، أو بعض الذين يتساهلون فيمن يعمل بجانب سكرتيرة أو امرأة، ثم يقع بعد ذلك ما يقع، وهي تأتي في الصباح إلى العمل متبرجة متعطرة.

كان يونس بن عبيد من السلف يقول: لا يخلون أحدكم مع امرأة ولو كان يعلمها القرآن، ولو كانت القراءة منه وليست منها فإنه لا يجوز له ذلك.

لا يخلون أحدكم مع امرأة يقرأ عليها القرآن، فكيف بهؤلاء الذين يفعلون ما يفعلون من انتهاك المحرمات؟! فهذه قضية مهمة من القضايا التي تنبئ عن عيوبٍ خطيرة في أنفسنا.