ومن حقوق المسلمين على المسلمين ومن حقوق الأخوة في الله: التزاور، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم () إن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى -تصور، أي: ذهب من قرية إلى قرية، ليس مثلنا الآن نتكاسل في الذهاب من بيت إلى بيت- فأرصد الله له على مدرجته ملكاً -في الطريق- فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه نعمة تربها؟ -يعني: هل أنت ذاهب إليه تريد منه شيئاً، أي: مصلحة معينة؟ - قال: لا.
غير أني أحببته في الله فقال الملك: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح () ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ ثم ذكر عدة أصناف من الرجال- ثم قال: والرجل يزور أخاه في ناحية المصر -يعني: في ناحية البلد- في الله) ليس لأنه يحتاج منه شيئاً، لا.
في الله فقط، فهذا من أنواع الناس في الجنة.
- زيارة المريض: ومن الزيارات المؤكدة -أيها الإخوة- زيارة المريض (وإذا مرض فعده) الآن الواحد منا يمرض أخوه المسلم، ويجلس في المستشفى أياماً، ويشفى من المرض، ويخرج من المستشفى، وبعدها يسمع -كأنه خبر في نشرة أخبار- خبر أخيه هذا كأنه خبر عادي: صار كذا وكذا، وانتهت الحادثة بكذا وكذا، دخل فلان المستشفى فمكث فيها أربعة أيام وأجريت له عملية والآن هو في البيت يأخذ نقاهة مثل الأخبار التي نسمعها للمرضى، هذه حقيقة.
أشياء كثيرة تعود إلى التقصير، والزيارات الآن بين المسلمين ليست على المستوى المطلوب، فكثيرٌ من الناس يتعذرون بالأشغال، وغالب الأشغال دنيوية، وتجد الاثنين عندما يتقابلان يقول أحدهما للآخر: يا أخي! أنا أعرف أنك مشغول وأنا مشغول؛ لذلك ومن أجل هذا -أنت مشغول وأنا مشغول- لا داعي أني أشغلك زيادة ولا أنت تشغلني زيادة، فلذلك لا زيارات.
وهذا ليس صحيحاً، يعني: هل يوجد شخص مشغول أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان يذهب لزيارة أم أيمن، وهي امرأة كبيرة في السن من الأنصار كان يزورها، وأحدنا الآن قد لا يرجو من وراء هذه المرأة نصر الإسلام ولا الجهاد ولا كذا لكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يوجد أحد مشغولاً أكثر منه كان يذهب ويزور أم أيمن ويزور غيرها من الصحابة، وكثير من الأحاديث الفعلية، تجد الراوي يقول: وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب ليزور فلاناً، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، فزيارات الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة.
وكان الإمام أحمد رحمه الله تعالى إذا بلغه عن شخصٍ صلاحٌ أو زهدٌ أو قيامٌ بحقٍ أو اتباعٌ للأمر -للسنة- سأل عنه، وأحب أن تجري بينهما معرفة، وأحب أن يعرف أحواله، الإمام أحمد كان حريصاً على جمع أهل السنة وتوحيد جهودهم، وكان حريصاً على زيارتهم في الله، فكان إذا سمع عن رجل فيه خير وفيه اتباع للسنة، أحب أن يجري بينه وبين ذلك الرجل معرفة، ويزوره، ويلتقي به، ويتحدث إليه، ويتعرف على أخباره.