من حقوق الأهل أيضاً: خدمتهم ومشاركتهم في عمل البيت، ورد أن الأسود سأل عائشة:(ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -أي: في خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة) رواه البخاري خدمة الأهل في أي شيء؟ جاء في الروايات الأخرى: يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم، ويصلح دلوه، ويحلب شاته، ويفلي ثوبه، ويخدم نفسه.
وقالت عائشة:(كان ألين الناس وأكرم الناس، وكان رجلاً من رجالكم إلا أنه كان بساماً) فهو كثير التبسم صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة، وليس صحيحاً ما يراه بعض الناس أن العمل مع الأهل عيب كبير، لا يا أخي، إذا عملت مع أهلك في البيت، ولا بأس عليك لو غسلت لهم الصحون مرة، وساعدتهم في نقل الغسيل مرة، وطبخت مرة فهذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام، ومن فوائده: أن المرأة ترتاح جداً إذا شاركها الرجل في بعض أعمالها، وتحس أن هذا إنسان وفي يريد أن يحمل عنها شيئاً من المسئولية ويساعدها، وفيه تواضع عجيب، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان يكون في مهنة أهله، وهذا من أعظم أسباب التواضع، وبعض الرجال يكون عنده عظمة في نفسه، لا تعالج تربوياً إلا بمثل هذه الخدمة في البيت.
وأيضاً: من الفوائد التي ذكرها العلماء البعد عن التنعم، لأن بعض الناس يقول: هذه ليست شغلتي، هذه شغلة الخدامة.
فمن فوائد العمل في مهنة الأهل البعد عن الترفه والتنعم، ولئلا يخلد الشخص إلى الرفاهية المذمومة التي أشير إليها في قوله تعالى:{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ}[المزمل:١١] أولو النعمة هم المرفهون المترفون، هؤلاء أولي النعمة، فهذه تربية عظيمة للنفس.