[استنباطات ابن هبيرة في سورة الأنعام]
كان يقول في الآيات اللواتي في الأنعام: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام:١٥١]: إنها محكمات، وقد اتفقت عليها الشرائع.
قال في الآية الأولى: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:١٥١] أي: في آخرها.
وفي الثانية: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام:١٥٢] في آخرها.
وفي الثالثة: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣] لأن كل آية يليق بها ذلك، لأن هذه الآيات التي هي آيات الوصايا العشر في سورة الأنعام: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [الأنعام:١٥١] ختم الآية التي فيها النهي عن الشرك بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:١٥١] قال: لأن العقل يشهد بأن الخالق لا شريك له، والعقل يدعو إلى بر الوالدين، وينهى عن قتل الولد، وإتيان الفحشاء، لأن الإنسان يغار من الفاحشة على ابنته وأخته، فينبغي عليه أن يجتنبها، فلما لاقت هذه الأمور بالعقل، قال: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:١٥١] يعني: الفطرة السليمة والعقل السليم يهتدي إليها، وهي: - تحريم الشرك.
- الأمر ببر الوالدين.
- النهي عن قتل الولد.
- النهي عن إتيان الفاحشة.
- النهي عن قتل النفس.
في الآية الثانية قال: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} [الأنعام:١٥٢] بماذا ختمها؟ ختمها بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام:١٥٢] فقال: أي: اذكر لو هلكتَ، فصار ولدك يتيماً.
واذكر عند وزنك لو كنتَ الموزون له.
واذكر كيف تحب العدل لك في القول، فاعدل في حق غيرك.
وكما لا تؤثر أن يخان عهدك، فلا تخن.
فلاقى بهذه الأشياء التذكُّر.
فقال: افرض أن أولادك أنت هم اليتامى، تذكر أنك أنت الموزون له، فماذا تفعل؟ تعدل في اليتامى، وفي الوزن، ولذلك ختمها بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام:١٥٢].
وقال في الثالثة: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:١٥٣] فلاقى بذلك اتقاء الزلل، فلذلك قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣] اتقاء الزلل، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:١٥٣] فاتقاء الزلل ختمها بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣].