لما تأيمت حفصة من زوجها بـ المدينة، قال عمر بن الخطاب: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، طبعاً هذا من عادة المجتمع الأول في بساطته ونظافته وسعيهم للعفاف، أن كان الرجل يعرض بنته على من يراه مناسباً، ليس عيباً أبداً وليس فيها شيء مطلقاً، بخلاف حساسية الناس اليوم، يقولون: عيب أن تعرض أختك أو ابنتك على واحد صالح، ويقولون: هل هذه البنت يعني قطعة قماش أو سيارة تعرضها أو سلعة، والحقيقة أنهم لا يفهمون ولا يعقلون.
قال: فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري، يفكر، فلبثت ليالي ثم لقيني فقال عثمان: قد بدا لي ألا أتزوج يومي هذا، وعمر لا يقول تعال أريد واحد غير متزوج، لا، هو يعرض ابنته على رجل دين فقط، عثمان متزوج قبلها، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر، فلم يرجع إلي شيئاً، قال عمر -وهذا هو الشاهد- وكنت أوجد عليه مني على عثمان، لأنه لا اعتذر ولا وافق هذه القصة لها تتمة مهمة، سوف نذكرها بعد قليل إن شاء الله.
لكن الشاهد: أن الصحابة كان يحصل بينهم مواقف، يجد الإنسان فيها على أخيه، لكن ما ينام إلا ونفسه طيبة، لا يدوم غضب الإنسان على أخيه، سرعان ما يفيئون ويتغافرون.
فإذاًَ أيها الإخوة، يصعب أن نقول: لا يمكن لإنسان أن يغضب من تصرف أخيه أبداً، هذا شيء غير واقعي، ومهما حاولت فلا بد أن تفاجئ يوماً من الأيام بتصرف يغضبك، أو كلمة تجرحك.