للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقصير المسلمين تجاه عقيدتهم]

الحمد لله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، سبحانه وتعالى لا إله غيره، ولا مالك إلا هو، مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة.

أيها المسلمون: من واجباتنا التي قصرنا فيها: الدعوة لهذه العقيدة والالتزام بها، ونشرها بين الناس، والتزامها قولاً وعملاً لنكون قدوات تدعو إليها.

كثير من الناس في العالم لا يعلمون عن الإسلام شيئاً، وقد يكون هؤلاء من أقرب الناس إليك، فما هي الجهود التي بذلناها من أجلهم، يوجد مسلمون في العالم لا يعلمون عن الإسلام إلا أشياء طفيفة.

وبعد كل عطلة يسافر فيها أناس إلى بلدانهم أو بلدان أخرى، وتقابل بعضهم إذا رجعوا يقولون لك: إن الناس في تلك البلدان مساكين، فلا يعرفون عن الإسلام إلا أشياء بسيطة جداً، ويقعون في منكرات وترهات لجهلهم بها.

أُتي المسلمون من داء اليهود والنصارى، فداء اليهود علموا الحق ورفضوه، وداء النصارى أضلهم الله فجهلوا فوقعوا بجهلهم فيما حرم الله، نفس الأدواء هذه الموجودة بين المسلمين الآن إنسان يعرف الحق فيرفضه، أو إنسان جاهل فيقع في الحرام بجهله، ما هو واجبنا أيها المسلمون؟ والله عندما نسمع أخبار المسلمين في العالم المفروض أن يستشعر المسلم المسئولية على الأقل في واجبه نحو المسلمين في كل مكان، وأن يحاول بأي طريق أن يهدي أولئك الناس الذين ضلوا أو جهلوا، ونحن الآن نشهد عودة عالمية للإسلام، وما أدراك ما يحدث اليوم في الجمهوريات الروسية التي يقتل فيها المسلمون؟ فيها مسلمون ما هي أحوالهم وقد قطعوا عن العالم الإسلامي عشرات السنين.

قبل ثلاث جمع في بلاد القرن من بلاد روسيا، أقيمت لأول مرة صلاة الجمعة في ذلك المكان، قبل ثلاث جمع من الآن أقيمت صلاة الجمعة لأول مرة في ذلك المكان، ووقف شيخ يعلم الناس الصلاة -في مسجد فتح الذي بناه أجدادكم- فازدحموا عليه، وفتحت النوافذ الجانبية في المساجد وأطلوا ليعرفوا كيف الصلاة، ما يعرفون الصلاة، والآن يتعلمون ما هي الصلاة، إسلام بالاسم، والآن عودة إلى الهوية الأصلية التي كانت مفقودة يريدون العودة.

وفي مدينة تيرانا عاصمة ألبانيا أقيم في مسجد كان مغلقاً مترباً صلاة الجمعة منذ فترة وجيزة جداً لأول مرة منذ سبعين عاماً، في ميدان مشهور في العاصمة التي أغلب الناس فيها مسلمون، أكثر من تسعين في المائة، ثمانية وتسعون في المائة منهم مسلمون في الأصل، والآن تقام صلاة الجمعة لأول مرة منذ سبعين عاماً.

وقف شيخ مسن طاعن في السن يبكي لذلك المشهد عند سماع نداء صلاة الجمعة وهو يقول: الحمد لله الذي أحياني -عمره أربع وتسعون سنة- الحمد لله الذي أحياني هذه الحياة، لأرى وأسمع هذا النداء بعد سبعين عاماً، سمعته منذ كان عمري أربعة عشر عاماً آخر مرة، والآن عمري أربعة وتسعون سنة، الآن أسمع النداء بعد ذلك الوقت وقد كان عمري أربعة عشر، والآن أسمع النداء بعد سبعين عاماً في هذا المكان، من هو المسئول أيها الناس؟ من هو المسئول؟ ماذا سيكون جوابنا لرب العالمين عندما يسألنا عن الشريعة التي أضعنا معانيها، والجهل في كل مكان، وفي أقرب الناس إليك أناس يجهلون الإسلام، ويجهلون أحكامه، من المسئول عن هذه القضية؟ ويا ترى ما هي الأشياء التي قمنا بها في بيوتنا، وأقربائنا، وجيراننا، يوجد أناس يجهلون أشياء كثيرة عن الصلاة، وأحكام الإسلام.

من المسئول عن تعليمهم؟ ليس هناك هيئة عامة مختصة عليها الإثم والوزر، نحن المسئولون عن هذا التخلف وعن هذا الجهل.

ألم يقل نبيكم: (بلغوا عني ولو آية) أين الآية التي بلغناها؟ (بلغوا عني ولو آية) نحن دعاة وكلنا دعاة، كلنا رجال لهذا الدين نبلغه، (بلغوا عني ولو آية) ما هي الآية التي بلغناها؟! كل واحد منا يستطيع أن يبلغ آية، فما هي الآية التي عرفنا معناها وبلغناها يا أيها المسلمون.

احرصوا رحمكم الله على فهم الدين وتطبيقه قولاً وعملاً، دعوا المنكرات وحاربوها، نحن المسئولون عن المنكرات، والمنكرات تعج في الأماكن والأسواق وأنت تراها، بكرة وعشية فماذا فعلنا من أجلها؟ هل ننتظر عقوبة ثانية من الله، ولم تكفنا الدروس العظيمة التي جاءتنا من بين أيدينا ومن خلفنا؟ هل ننتظر عذاباً أشد وعقوبة أعظم؟! واحرصوا على سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وطبقوا ذلك في كل شيء.

ويسأل بعض الإخوان فيقول: نريد أن نصوم ستة شوال، في بعض الأيام الفاضلة، ليحصل لنا الأجران فهل يحصل لنا الأجران أم لا؟ نريد مثلاً هذا اليوم الإثنين القادم سيكون فاضلاً لأنه يوم إثنين مستحب فيه الصيام وسيكون فاضلاً لأنه أحد الأيام البيض، وسيكون فاضلاً إذا صامه على أنه ستة من شوال مثلاً، فتجتمع فيه ثلاثة فضائل، إن الله واسع الفضل ذو الفضل العظيم، فنعم.

تحسب ولماذا لا تحسب؟ ولكن اعملوا فسيرى الله عملكم، ولذلك فلو صام هذه الأيام الفاضلة على أنها ستة شوال أو غيرها، وصامها وقد أنهى الست وصامها فيحصل له الأجر العظيم إن شاء الله تعالى.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.