وإليكم أيها الإخوة طائفة من الذنوب المذكورة في القرآن والسنة التي استهان بها كثير من الناس حتى أصبحت عندهم لا شيء، أو أنهم يعتقدون أنها ليست بذنوب أصلاً، وتأمل العذاب المقترن بها في الآية أو الحديث لتعلم منزلة هذه المعصية عند الله عز وجل، فمثلاً: يقول الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة:١٨٨] هذه الآية نص في تحريم الرشوة التي يدفعها الراشي إلى الحاكم كالقاضي، أو الموظف والمسئول في أمر من الأمور؛ فيحكم له بالحق مع أنه على الباطل، أو يحكم على خصمه بالباطل مع أن خصمه على الحق، هذا المال الذي يدفع إلى هذا الحاكم الذي يفصل بين الأمور هو الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم دافعه وآخذه:(لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم) حديث صحيح.
وتأمل ما فعلت الرشوة اليوم في أحوال الناس، من تضييع الحقوق، وتفويت الحق على أهله، ومن أخذ كثير من الناس لأمور ليست من حقهم، وإنما هي بأموال توصلوا بها إلى إبطال الحق وإحقاق الباطل، وهذا لعمر الله من الأمور التي تهدم المجتمعات، إذ إنها من الظلم الذي لا يرضاه الله، وإن سماها كثير من الناس بأسماء يوهمون بها أنفسهم وغيرهم أنها ليست رشوة، وهي عين الرشوة، كما يسميها بعضهم بالحلاوة ونحوها، قاتلهم الله!