أيها الإخوة: إن هذه الفضائع التي حدثت كان لها أثر في النفوس، ونقول دائماً: ليس في أفعال الله شر محض، فلابد أن يوجد فيه خير بوجه من الوجوه، قد يقول الناس: الخسائر ضخمة، سبعون قتيلاً وألف وخمسمائة جريح، ومنازل متهدمة، لكن نقول: الوعي الذي أحدثته هذه الدماء في الأمة كبير جداً، المكسب في الوعي وإيقاظ الإيمان والنفوس المتخدرة أكبر بكثير من الخسارة التي حصلت، والله غالب على أمره، والله عزَّ وجلَّ يحدث في الواقع من المفاجئات ما تربك اليهود {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ}[الأنفال:٣٠]{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}[النساء:١٤٢] بالتأكيد إنهم لن ولم يكونوا قد حسبوا لهذه المسألة تلك الحسابات، ولذلك هنا يبرز أهمية الإعلام الإسلامي الحقيقي عندما يقدم الصورة للناس.
تأملوا -أيها الإخوة- في كاميرا ذلك الفلسطيني الذي صوبها بمهارة على محمد جمال الدرة وهو يقتل بجانب والده، ووالده يتوسل لهم، لقد أقضت الصورة مضاجع العالم، لكن هذه صورة فأين بقية الصور؟ صورة واحدة فعلت هذا الفعل في العالم، والشجب والاستنكار والغثيان والاشمئزاز من أفعال اليهود، وهناك صبيان آخرون قد قتلوا مثله، لكن لم تدركهم الكاميرات، فإذا كانت هذه اللقطة التي كان اليهود سيدفعون مبالغ طائلة جداً جداً لمنع انتشارها، ومنع عرضها لو استطاعوا، فعلت هذا الفعل، فكيف كان سيحدث إذاً لو صورت المناظر الباقية؟!