أما بالنسبة لأماكن الحفظ، فقد قالوا: إنها في الغُرف العالية أحسن من السُفل؛ لأن المكان العالي يكون في الغالب خالياً، لا زوجة ولا أولاد ولا ضوضاء، ولا دخول ولا خروج، وكل موضع بعيد عما يُلهي فإنه يجعل القلب خالياً لأجل الحفظ، وليس بالمحمود أن يتحفظ الرجل بحضرة النبات والخضرة، ولا على شطوط الأنهار، ولا على قوارع الطريق، لكثرة الشواغل والصوارف والأشياء المارة والعابرة، فالعجب من بعض الطلاب الذين يذاكرون في الحدائق العامة أيام الامتحانات.
وقالوا: لا يحمد الحفظ بحضرة خضرة ولا على شاطئ نهر؛ لأن ذلك يُلهي، والأماكن العالية للحفظ خيرٌ من السوافل، والخلوة أصلٌ، وجمع الهم أصل الأصول، لذا ينبغي تفريغ الذهن من الشواغل.