وإذا اعتدى أحدهم على مسلم، ضعفت نفسه في موقف، عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال -في حديث طويل يرويه الإمام مسلم منه-: (وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أحد، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكةً -ضربها بكفه على صفحة وجهها، تأثر كيف يذهب الذئب بغنمة! بشاة! كيف يذهب بها؟ أين أنتِ؟! أين حراستكِ؟! أين رعايتك للغنم؟! تأثر فضربها بيده على صفحة وجهها، فماذا كان موقف الصحابي لما أخطأ في حق هذه المرأة المسلمة؟ - فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم -هذه الضربة كما أثرت في وجه المرأة أثرت في نفس الضارب- فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي -كيف تفعل هذا الفعل؟ كيف تضرب على الوجه؟! كيف تضرب أصلاً؟ ماذا فعل الصحابي عندما عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر؟ - قلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟ -أيهما أغلى: الشاة أم المرأة الراعية، الأمة عند الرجل؟ الأمة عند الرجل أغلى، وفائدتها عنده عظيمة، لكن لما تأثر ما صار عنده مانع أن يعتقها- قال: أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها فقال: أين الله؟ قالت: في السماء.
قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله.
قال: اعتقها فإنها مؤمنة).
كثير من المسلمين اليوم يعتدون بالضرب على إخوانهم المسلمين الآخرين المستضعفين من الخدم، وحتى إخوانهم الصغار، يا ترى هل إذا أخطئوا يتأثرون مثل تأثر هذا الصحابي؟ هل إذا أخطئوا تنطلق منهم كلمات التأسف، الاعتذار، أم أن أحدهم تأخذه العزة بالإثم فيرفض أن يتفوه بكلمة واحدة يعتذر بها عما فعله؟