وقد جاء المتكلمون في بعض العصور الإسلامية واستخرجوا من كلام اليونان القواعد الفلسفية والكلامية، ثم حاكموا نصوص الصفات إليها، فنفوا ما نفوا وأثبتوا ما أثبتوا بزعمهم أنهم يثبتون ما يوافق مقتضى العقل، وينفون ما يقتضي العقل نفيه، فحكموا عقولهم في النصوص، وقدموا عقولهم على الكتاب والسنة، وقدموا منطق اليونان على القرآن، ولا يمكن أن يكون هناك أية مناسبة بين صفة الخالق وصفة المخلوق، فلله تعالى الصفات اللائقة بذاته، وللمخلوق الصفات اللائقة به.
وهؤلاء المتكلمون لأنهم لا يعتمدون على الكتاب والسنة، فقد اضطربوا، وكل من لا يعتمد على الكتاب والسنة يضطرب، وهذه قاعدة: فتجد أن بعض هؤلاء المتكلمين قد أثبتوا سبع صفات، وبعضهم أثبت ثلاث عشرة، وبعضهم أثبتوا واحداً وعشرين صفة، وهكذا اضطربوا في عدد الصفات التي تليق بالله من وجهة نظرهم، كل واحد على حسب عقله، يقول: هذه تليق بالله أثبتوها، وهذه لا تليق لا تثبتوها، وأهل السنة يثبتون كل ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، فهؤلاء بعض المتكلمين المشهور من مذهبهم الذي أثبته الأشعري أولاً: السبعة المشهورة:
له الحياة والكلام والبصر سمع إرادة وعلم واقتدر
جمعوها في هذه البيت وقالوا: إننا نعترف بسبع صفات لله فقط، ما هي؟ قالوا: صفة القدرة، وصفة الإرادة، وصفة العلم، وصفة الحياة، وصفة السمع، وصفة البصر، وصفة الكلام.
مثلاً: أثبت أنه يُحب ويغضب ويرضى ويرحم إلى آخره، قالوا: لا نثبتها، وصفات الذات، أن له اليد والوجه والقدم والأصابع سبحانه وتعالى إلى آخره، قالوا: لا نثبتها.
والمعتزلة أيضاً أصحاب علم الكلام قد عطلوا أسماء الله سبحانه وتعالى ونفوا الصفات، قالوا: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، قادر بذاته، سميع بذاته، عليم بذاته، حي بذاته، لأنهم لا يريدون الإثبات لا حياة ولا سمع ولا بصر ولا علم ولا قدرة، وهؤلاء في النفي غلو أكثر من الأشاعرة بطبيعة الحال، وهذا مذهب يعرف كل عاقل بصير بالكتاب والسنة أنه مذهب باطل.