الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخواني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم في هذه الليلة في هذا المكان المبارك في بيت من بيوت الله عز وجل، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ليلتنا هذه ذات فائدة وما يقدم فيها له أثر في حياتنا ومعاملاتنا.
والمسلم الحقيقي هو الذي يسير على نور من ربه، ويسلك صراط الله المستقيم، ويسير على طريق أهل السنة والجماعة، الطريق الذي سار فيه الأنبياء والعلماء والشهداء، الطريق الذي بيَّن الله أنواره ومعالمه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
والذي نلاحظه على الكثيرين أنهم قد يهتمون بأبواب أو بأجزاء من هذا الطريق، فقد يهتمون بالعقيدة فقط، أو يركزون على الطريقة الصحيحة في التفقه، والأخذ بالدليل، والبحث عن الحديث الصحيح، وقد يركزون على أعمال القلوب فقط وأمور الرقائق، وقد يركِّزون على الجانب الخلقي السلوكي، والصحيح والحظ العظيم هو التركيز عليها كلها مجتمعة، حتى يجعل طريقه هذا طريقاً متكاملاً.
وموضوع التعامل من الموضوعات المهمة، وأهل السنة والجماعة لهم أصول في قضايا التعامل والقضايا السلوكية ولم يتركوها هملاً، وإنما وضعوا لها ضوابط مستمدة من القرآن والسنة.
ونحن نجد الآن بين المسلمين تنافراً في شخصياتهم، وخلافات كثيرة بينهم، وطريقة معاملة بعضهم لبعض ليست صحيحة، وباختصار قد تقطعت أواصر الأخوة الإيمانية فيما بينهم.
وهذا التقطع نشأ من عدم الاهتمام بمراعاة الجانب السلوكي الخلقي، وعدم الاهتمام بمشاعر الأخ المسلم، وعدم الاهتمام من الأخ المسلم بنفسية أخاه المسلم، كيف يعامله؟ كيف يتجنب الأشياء التي تؤذيه؟ كيف يبتعد عن جرح شعوره بالتصرفات القاسية المؤذية؟ والحقيقة -أيها الإخوة- أننا كثيراً ما نتلفظ بكلمات، ونأتي بأفعال لها مردود سلبي وسيئ على علاقتنا الأخوية مع إخواننا الآخرين، ينبغي أن ننقي هذه التعاملات، وأن نعرف كيف نتكلم، وكيف نخرج الأخ المسلم من موقف حرج يتعرض له، وكيف نتجنب إحراجه.
واليوم لا يوجد اهتمام بقضية عدم إحراج المسلم لأخيه المسلم، إلا من رحم الله يهتم بهذا الأمر.
هناك أناس من المسلمين يتميزون بالغلظة والجفاء واللامبالاة، لا يسألون عن أوضاع إخوانهم المسلمين، ينتقدونهم بأمور وطرق تجرح مشاعرهم، لا ينتقون الألفاظ المناسبة، فنريد أن نبيَّن في هذا الدرس أن هذا الأمر من صميم الإسلام، ونريد أن نبين من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن القرآن قبل ذلك أن هذه المسألة قد رُكِّز عليها تركيز عظيم، وأنها لم تهمل، وأنه يجب على الفرد المسلم أن يتمعن فيها وينظر كيف يعامل إخوانه.