الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
نحمد الله تعالى -أيها الإخوة- أن جمعنا وإياكم في بيتٍ من بيوته عز وجل نذكره سبحانه وتعالى، ونتذاكر نعمه، ومنها نعمة الأخوة، قال تعالى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[الضحى:١١].
نسأل الله عز وجل أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وأن يجعل تفرقنا بعده تفرقاً معصوماً، وأن يجعلنا وإياكم من الإخوة في الله المتآخين في سبيل الله ولا يجعل فينا ولا معنا شقياً ولا محروماً.
أيها الإخوة: كما سمعنا في الآيات الكريمة قول الله عز وجل: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ}[آل عمران:١٠٣] لا بأي شيء آخر: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}[آل عمران:١٠٣].
أيها الإخوة: لا يوجد في دين من الأديان، أو مذهب من المذاهب، أو مكان من الأمكنة شيءٌ اسمه الأخوة التي هي بهذا الطعم إلا في الإسلام، لا يمكن أن يوجد مطلقاً؛ لأن هذا الشعور -شعور الأخوة في الله والتآخي في الله- نعمة عظيمة لا يشعر بها إلا المسلمون، لا يشعر بها إلا الذين جعلهم الله إخوة:{فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}[آل عمران:١٠٣].
والمجتمع الإسلامي يقوم على دعامتين أساسيتين: الإيمان والأخوة: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}[آل عمران:١٠٣].
فلا يمكن أن يقوم المجتمع الإسلامي قياماً صحيحاً على سوقه كما أمر الله إلا بهاتين الدعامتين الأساسيتين: الإيمان والأخوة، ولذلك أمر الله بالتآخي، وعقد من عنده عز وجل عقد الأخوة بين المؤمنين، فقال عز وجل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:١٠] و (إنما) من فوائدها حصر الخبر في المبتدأ، أو المبتدأ في الخبر {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:١٠] أي: ليس المؤمنون إلا إخوة، من عظم الأخوة أن الله جعلها هي الوصف الأكمل للمؤمنين، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ}[الحجرات:١٠] المؤمنون عبارة عن أي شيء؟ عن إخوة:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات:١٠] فالأخوة تنبثق من التقوى ومن الإسلام.