فإذا سرق شخص عليه أن يرد المسروق، فلو جاء وأخبر الشخص أنه قد سرق منه، قال: وهذا المال الذي أنا سرقته منك، فلو كان المال قد تلف، وليس عنده الآن مالٌ يعطيه إياه، شخص سرق وسرق وسرق وأتلفها وبذرها وأفلس، والآن أراد أن يتوب، فعليه أن يتحلل من المسروق منه، يذهب إليه يقول: يا فلان! يا مديري! يا رئيس الشركة! أنا سرقت منك، يقول ذلك بأسلوب معين، مثلاً يقول: الشيطان وكذا ونفسي الأمارة بالسوء أخذت منك أموالاً بغير علمك، تحللني؟ فإن حلله فالحمد لله، وإذا لم يحلله فتبقى هذه الأموال ديناً في ذمته، فإذا فتح الله عليه وأغناه الله يعيدها إليه مع الأيام.
قد يقول بعض الناس: أنا أتحرج، أنا عندي المسروق، عندي المبلغ لكن أتحرج أن أرده إلى المسروق منه، فقد يسأل شخص سؤال يقول: أنا كنت أسرق من جيب أبي، وأنا الآن كبرت وأنا موظف وعندي مال، لكن من الصعب أن أذهب إلى أبي، وأقول: يا أبي أنا كنت أسرق منك، أو مثلاً: موظف في شركة يستحي أن يقول لمدير الشركة: أنا قد سرقت من الشركة، فكيف هذا؟ فيقول أهل العلم: لا يجب عليه الذهاب والمصارحة وإنما يرده إليهم بطريقة حتى لو لم يعلموا، مثلاً: يذهب إلى جيب أبيه فيضع فيه المبلغ الذي سرقه ولو أراد أن يضعه على مراحل حتى لا يكتشفه الأب فهذا ممكن، أو مثلاً: يذهب إلى الشركة يقول: إن فلاناً واحد من الناس لا يريد ذكر اسمه -وهو يعني نفسه- قد سرق منكم والمبلغ هذا وأنا الآن أرده بالنيابة عنه، أو إنه أعطاني إياه لأرده إليكم، فخذوه، أو أرسله بظرف مختوم، أو أي شيء آخر بطريقة من الطرق فهذا حسن، إذا كان لا يستطيع أن يقول لهم: سرقت منكم، فالمهم الآن هو إرجاع الحق لأصحابه، أو مثلاً: شركة مساهمة، كيف يذهب ويدور على المساهمين يعتذر منهم واحداً واحداً؟ هذا أمر صعب، فالمهم الآن أن يرجع المال المسروق إلى الشركة بطريقة من الطرق.
ولو غصب مالاً، شخص غصب مال أيتام وأخذه بالقوة فاتجر به وربح ونما المال، فماذا عليه؟ بعض العلماء يقولون: النماء للمالك الأصلي، وبعضهم يقولون: النماء للمنمي (السارق) وبعضهم يقول وهو القول الوسط: رأس المال يعني: المبلغ المسروق أو المغصوب الأصلي يرجع لصحابه مع نصف الأرباح، وهو يأخذ النصف الآخر، الغاصب يأخذ نصف النماء أو نصف الأرباح ويرجع رأس المال مع نصف الأرباح ونصف النماء إلى صاحب المال الأصلي للتوبة، وهو رواية عن أحمد واختيار شيخنا رحمه الله يعني: يقصد ابن تيمية، وهو أصح الأقوال.
وهذا مثل شخص غصب ناقة أو غصب شاة فأنتجت أولاداً فإنه يردها ونصف أولادها إلى صاحب المال الأصلي، لو ماتت هذه المغصوبة مثلاً الناقة أو الشاة، فيدفع ثمنها مع نصف النتاج إلى صاحب المال الأصلي، وهذا أيضاً ما ذكره الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله في هذه المسألة، يرجع أصل المال ونصف النماء.
وإذا ما وجد الرجل صاحب الشركة أو الرجل المغصوب قد مات، فهذه الأموال لمن ترجع؟ ترجع إلى الورثة، وإن مات الورثة فإلى ورثتهم، فالحق باقٍ.