للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم طاعة الوالدين في فعل المباحات وتركها]

طاعة الوالدين في المباحات، ما حكمها؟ مثلاً: قال: يا ولد! يجب أن تأكل هذا النوع من الأكل، ويجب أن تتزوج هذه المرأة، فلا يجب الطاعة في هذه الحالة، ولا التزوج ممن لا يرغب، وإذا كان الشخص لا يجب عليه أن يطيع في أكلةٍ تنغصه ساعة، فكيف يجب عليه أن يطيع في الزواج بامرأةٍ لا يريدها تنغص عمره كله؟! قال الإمام أحمد رحمه الله: إن كان الرجل يخاف على نفسه، ووالداه يمنعانه من التزوج فليس لهما ذلك.

لو قال: يا ولد! لا زواج إلا بعد التخرج، والولد يستطيع أن يتزوج قبل التخرج، وهو يخشى على نفسه الحرام فلا تلزم طاعة أبويه.

قال الشيخ تقي الدين: ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وإذا امتنع لا يكون عاقاً.

وإذا قال له: يا ولد! طلق زوجتك، لماذا؟ قال: هي لم تأتِ لي بالحذاء إلى عندي، قلت لها: هاتي الحذاء فلم تأتِ به، فخلاصة مسألة طلاق الزوجة: أنه إذا كان الأب عدلاً، وكانت المرأة فيها سوء في الدين أو الخلق فيلزمه طاعة أبيه، فـ عمر أمر ولده بطلاق زوجته، وأمره عليه الصلاة والسلام أن يطيع أباه عمر؛ لأن عمر عدل، ليس عنده هوى في القضية هذه، لكن إذا كان الأب صاحب هوى، والزوجة صاحبة دين وخلق حسن فلا يلزمه الطلاق.

وإذا أصرت عليه أمه يطلق زوجته للغيرة والزوجة حسنة الدين والخلق، يقول ابن تيمية: هذه من جنس هاروت وماروت في السعي في التفريق بين الزوجين، فلا يطعهما، ولا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبر أمه وليس تطليق امرأته من برها.

إذاً: هذا بالنسبة لقضية طلاق الزوجة، وقد سئل ابن تيمية عن امرأة وزوجها متفقين، وأمه تريد الفرقة، فلم تطاوعها البنت، فهل عليها إثم في دعاء أمها عليها؟ قالت: يا بنت! تطلقي من زوجك، واطلبي الخلع، أو نكدي عليه إلى أن يطلقك.

فأجاب ابن تيمية رحمه الله وقال: إذا كانت الأم تريد التفريق بينها وبين زوجها فهي من جنس هاروت وماروت، فلا طاعة لها في ذلك، ولو دعت عليها.

اللهم إلا إذا كانا مجتمعين على معصية، أو يكون أمره للبنت بمعصية الله، فالأم تتدخل تريد أن تطلق البنت؛ لأن زوجها يأمرها بالمعصية.