[كرامات من الكتاب والسنة]
لكن هل وقعت كرامات صحيحة في الكتاب والسنة وأخبار الصالحين؟
الجواب
نعم.
فمن ذلك ما أخبر الله تعالى عنه في القرآن الكريم، في سارة زوجة إبراهيم الخليل، قال الله عز وجل: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود:٧١ - ٧٣].
فهذه المرأة سارة لا شك أنها من أولياء الله قد أكرمها الله بكرامة، وهي أنها حاضت وهي عجوز وولدت، مع أن بعلها شيخ كبير.
وكذلك الذي عنده علم من الكتاب في قصة سليمان عليه السلام وكان رجلاً مسلماً عالماً من الصالحين: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} [النمل:٤٠] قيل: إنه كاتب لسليمان كان عابداً عالماً من أولياء الله تعالى، وقيل: إنه كان يعلم اسم الله الأعظم، سأل الله به، فبصلاحه وبسؤاله أعطاه الله مطلوبه، ونقل ذلك العرش من اليمن إلى الشام بطرفة عين.
وكذلك من الكرمات التي وقعت: ما جاء عن مريم عليها السلام كما قال قتادة في قوله تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً} [آل عمران:٣٧] قال: [حدثنا أنه كان تؤتى بفاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فعجب من ذلك زكريا] وعلى أية حال كان عندها رزق في المحراب، وجود الرزق في المحراب: {أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران:٣٧] هذه كرامة بحد ذاتها ولا شك.
كذلك ما حصل للثلاثة (أصحاب الغار) لما دعوا الله تعالى بأعمالهم، فخرجت الصخرة من موضعها التي انطبقت عليهم فهي كذلك من كراماتهم.
وقصة الرجل الذي سمع صوتاً في سحابة، يقول: اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب، فأفرغ ماءه في حرة، فالرجل تتبع السحاب ونظر أين نزل المطر في بستان، فجاء إلى صاحب البستان وسأله عن اسمه؟ فأخبره باسمه، فتطابق عنده الاسم الذي سمعه منه مع الاسم الذي سمعه من السحاب، فسأله عن قصته، فأخبره بأن هذه الأرض يأخذ ثلث ما يخرج منها فيتصدق به، ويأكل هو وعياله الثلث، ويرد الثلث زرعاً وإصلاحاً وبذراً ونحو ذلك.
كذلك من الكرامات الثابتة في السنة: الكرامة لـ جريج العابد الزاهد الذي كان يعبد الله في صومعة، فتسلطت عليه زانية فلما أبى أن يستجيب لها أتت راعياً فأمكنته من نفسها، فلما حملت ووضعت اتهمت جريجاً أنه الذي فجر بها، فجاء بنو إسرائيل في عهده فكسروا صومعته بالفئوس والمساحي، ثم لما رأى ذلك مسح رأس الصبي وقال: من أبوك؟ فقال: أبي راعي الضأن، فبهتوا عند ذلك وأرادوا أن يبنوها له ذهباً أو فضة، فقال: أعيدوها طيناً كما كانت.
وكذلك سارة حصل لها موقف آخر -زوجة إبراهيم الخليل- لما أخذها الجبار، وأرد أن يؤذيها ويأخذها بالحرام، فأصابه الله بالشلل، فقال: سلِ الله أن يطلق يدي ولا أضرك، ففعلت، فانطلقت يده، فعاد فقبضت يده، ثلاث مرات، حتى قال لمن معه: إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان، وأعطاها هاجر خادمة لها، وخلَّى سبيلها.
وكذلك ما حصل من الرجل صاحب الخشبة الذي أعيته الأمور في الرجوع إلى صاحبه لرد الدين في الوقت المحدد، فأخذ خشبة ونقرها فجعل فيها المال، وألقاها في الماء، ثم جاء إلى صاحبه بعد ذلك، فقال له صاحبه: إن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة، فانصرف بمالك راشداً.
هذا بعض ما حصل لمن قبلنا.