ينقصنا فيما ينقصنا الاهتمام بالسنن، والحرص عليها، بعض الناس يرى أن هذه أشياء تافهة، وأشياء جانبية وقشور، ابن عمر رضي الله عنهما لما رأى رجلاً قد أناخ راحلته لينحرها، قال له:[ابعثها قياماً مقيدةً سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم] فالسنة أن تنحر الناقة قائمة معقولة الرجل اليسرى، تنحر في لبتها، فعند ذلك تطيح، فإذا وجبت، أي: طاحت: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج:٣٦] لقد كانوا يهتمون بالسنن.
يقول أبو غالب: صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل، فقام حيال رأسه -وضع الجنازة وقام مقامه خلف رأس الميت مباشرة- ثم جاءوا بجنازة امرأة من قريش، فقالوا: يا أبا حمزة صل عليها، فقام حيال وسط السرير، أي: الجنازة، فقال له العلاء بن زياد: أهكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها، ومن الرجل مقامك منه؟ قال: نعم، فلما فرغ، قال العلاء: احفظوا هذه السنة.
واستأجر أبو داود قارباً ليقطع النهر ويرد على رجل عطس وحمد الله ويقول له: يرحمك الله، وهذا الحديث:(فليقل له: يرحمك الله) أي: يُسْمِعه، فمن السنة أنك تشمته إذا سمعته قال الحمد لله، ولا تقل في سرك: يرحمك الله، بل تُسْمِعه:(فليقل له: يرحمك الله).
وكان أبو بكر الحديدي شديد الحرص على السنة، لا يسامح أحداً في شيء من أدائها، وكان معه مقراض -مقص- فمن رأى شاربه طويلاً قصه، أي: أنه يحمل مقصاً في يده فإذا رأى شخصاً شاربه طويل يقص له شاربه، فإن امتنع، تبعه يقول: وا ديناه، وا سنة نبياه، وويجلس ويقص له شاربه.
فالشاهد هو الحرص في إنشاء هذا الدين كله مهما كانت المسائل كبيرة أو صغيرة، يجب أن يقام به ويحرص عليه.