وقد ذكرنا في المرة الماضية أموراً تهدم القلب: كثرة الأكل والشرب والنوم والخلطة، فمن أكل كثيراً، شرب كثيراً، فنام كثيراً، فخسر كثيراً، وفي الحديث المشهور:(ما ملأ ابن آدم وعاءً شرٌ من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه) ويحكى في أثر، وللفائدة فإننا لا نعرف صحة الأثر من الإسرائيليات، لكن فيه معنى لطيف: يُحكى أن إبليس لعنه الله عرض ليحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام، فقال له يحيى: هل نلت مني شيئاً قط؟ أي: استطعت أن تحوز على شيء مني؟ قال: لا.
إلا أنه قدم إليك الطعام ليلة فشهيته إليك حتى شبعت منه، فنمت عن وردك، فقال يحيى: لله عليَّ ألا أشبع من طعام قط -أي: ما أزال جائعاً للطعام، حتى لا تمتلئ المعدة- فقال إبليس: وأنا لله عليَّ ألا أنصح آدمياً أبداً.
والنوم الكثير أيضاً، ولذلك لا بد من ضبط القضية وعلاج هذه المسألة، فيقول ابن القيم رحمه الله: نوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه، ومن المكروه عندهم النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس، فإنه وقت غنيمة.
والآن كل الناس تقريباً، أو أكثرهم ينامون بعد الفجر إلى طلوع الشمس، ومن النوم الذي لا ينفع النوم أول الليل عُقيب غروب الشمس، أي: بين المغرب والعشاء النوم مكروه كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح.