ومن الأسباب التي تقوي الإيمان: ملء الوقت بطاعة الله، وهذا أمرٌ عظيمٌ، عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه:(من أصبح منكم اليوم صائماً؟) وأبو بكر يقول: أنا (من عاد منكم اليوم مريضاً؟) وأبو بكر يقول: أنا (من تبع اليوم منكم جنازةً؟) وأبو بكر يقول: أنا.
ماذا تعني لكم هذه القصة؟ تعني: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه كان وقته مملوءاً بطاعة الله، يعمل في اليوم أعمالاً تأخذ وقتاً كبيراً، ولكنه يسردها سرداً.
وبلغ السلف رحمهم الله في ازديادهم من الأعمال الصالحة وملء الوقت بها درجةً عظيمةً حتى قال بعضهم، عن حماد بن سلمة رحمه الله وهو من العُبّاد من أهل السنة: لو قيل لـ حماد بن سلمة -تفكروا معي في هذه العبارة-: إنك تموت غداً، ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً.
تخيل لو قيل له: أنت غداً ستموت والواحد لو قيل له: أنت غداً ستموت ماذا يفعل؟ يبادر إلى الأعمال بازدياد، هذا يقول: لو قيل لـ حماد بن سلمة: إنك تموت غداً، ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً، ماذا يعني؟ فإذاً أيها الإخوة: ملء الوقت بطاعة الله، والاستمرار بالأعمال الصالحة، هذه القضية الثانية.
لاحظ معي هذه الألفاظ في هذه الأحاديث:(ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل) ماذا تعني كلمة لا يزال؟ الاستمرارية:(لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله) الاستمرارية: (تابعوا بين الحج والعمرة) الاستمرارية، وهكذا، فالاستمرار في الأعمال الصالحة يقوي الإيمان جداً، والمداومة عليها، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل).