بالنسبة لقضية استعظام الذنوب، فبعض الناس يستعظمون الكم الهائل من الذنوب التي ارتكبها عبر عشرات السنين في الماضي وجاء الآن ليتوب، وقد ملأت تلك الذنوب نفسه وضاقت بها جوانحه وهو يريد الخلاص، فقد يقول كما ذكرت قبل قليل: كيف يغفر الله لي؟ هذه أشياء عظيمة جداً، كثير من الناس يأتي بعضهم يقول: يا أخي! أنا ما تركت بلية إلا فعلتها، ما تركت فاحشة إلا وأتيتها، ليس هناك حد من حدود الله إلا وانتهكته، كل ما تتصور ببالك من المعاصي والآثام أنا فعلتها، ماذا يمكن أن أفعل؟ هذه نفسية كثير من الناس يكتبونها برسائل أو يأتون يشافهون بها وهم في غاية الحرج، يقول: فعلنا وفعلنا، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل:(من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئا) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل في الحديث الصحيح أيضاً: (يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم! لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة) إن الله عز وجل واسع المغفرة واسع الرحمة: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}[طه:٨٢].
وفي حديث أبي ذر:(يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) سبحانه وتعالى ما أحلمه! ما أرحمه! ما أشد عفوه! وما أوسع مغفرته! لو قال إنسان: يا أخي هذه من الناحية النظرية أنت تأتيني بآيات وأحاديث، لكن أعطني مثالاً واقعياً على أناس اشتدت بهم الفواحش ثم غفر الله لهم، نقول لك: نعم يا أخي يوجد، والحمد لله، ورصيد التجربة وهو رصيد مهم للأمة الإسلامية ولجيل الصحوة، رصيد التجربة رصيد موجود والحمد لله، في القرآن والسنة ما نقل إلينا من السابقين ومن سيرة المسلمين التي نحن الآن نقرؤها، مثل: حديث قاتل المائة النفس حادث عملي، وشيء وقع، شخص قتل مائة نفس قتلها كلها ظلماً وعدواناً، فهو معتد ظالم، وبعد ذلك يقول له العالم وليس العابد الجاهل: وما الذي يحول بينه وبين التوبة؟ نعم.
لك توبة، ثم يتوب فيتوب الله عليه وتختصم فيه الملائكة فيكون من نصيب ملائكة الرحمة، وقد قتل مائة نفس.
إذاً: حتى نقرب المسألة عملياً إلى الأذهان نقول: نعم، هناك أمثلة عملية، فهذا قتل مائة نفس، فهل عندك جريمة مثل هذه؟ قتل مائة نفس! والعلماء يصنفون الذنوب: الشرك ثم البدعة ثم قتل النفس ثم الفواحش الأخرى، قتل النفس عظيم، وقول ابن عباس رحمه الله فيه أنه خالد مخلد في جهنم، والعلماء لهم فيها أقوال بسطها ابن القيم رحمه الله في المدارج وغيرها ورجح فيها.