فبعض الناس الآن يتوبون وقد نشروا بين الناس أفكاراً ضالة، كرجل علماني أو رجل مخرف في العقيدة أو حامل لواء بدعة يضل الناس، أو رجل يكتب قصصاً لكنها سم ضد الدين أو يؤلف الأشعار وينظم الأشعار الساقطة مثلاً، هذا الرجل إذا هداه الله عز وجل ماذا يفعل؟ يقول الله عز وجل:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا}[البقرة:١٦٠] فلا تكفيه التوبة المجردة وإنما يجب أن يزيد عليها تبرؤه مما فعل في الماضي، يعلن للناس الذين أعلن لهم الشرك والكفر والبدعة والفساد يعلن لهم أنه قد تاب منها وأنه بريءٌ من كل ما كتب في الماضي، وليس ذلك فقط، بل إنه يرد على نفسه، يعني: يقول: أنا قلت كذا وأحذركم إن كلامي كان خطأ ضد الدين، أو أني زللت فيه في النقطة الفلانية والفلانية والفلانية، والرد عليها إن كان قد أثار في كتبه شبهات، بعض الناس يؤلفون كتباً فيها شبهات تطعن في الدين، فلو تاب إلى الله عليه أن يؤلف أو ينشر في أي مكان آخر ما يصل إلى الناس الذين قرءوا الكلام الأول على الأقل بغلبة الظن يرد على الشبهات التي سبق أن طرحها حتى تكتمل توبته.
وقضية البيان مهمة، وبها نرد على من قال: إن ابن سينا الملحد تاب -طبعاً هناك أناس أصلاً لا يعرفون أنه ملحد- لكن إذا قال شخص: ابن سينا تاب، كيف ندري أنه تاب؟ وطه حسين عميد الأدب العربي -أستغفر الله، عميد قلة الأدب العربي- تاب، كيف نعرف ذلك؟ هل قدم لنا شيئاً مكتوباً أنه تاب، هل كتب شيئاً نقض فيه ما كان يعتقده وينشره بين الناس، وأن يسخر قلمه هذا من كمال التوبة، وأن يسخر قلمه لنصرة هذا الدين والرد على أعداء الله وعلى شبه الكفار والملاحدة، وأنه لو كان نشر في الرذيلة فيكتب الآن في الفضيلة، ولو نشر في البدعة فيكتب الآن في السنة، ولو نشر في الشرك فيكتب الآن في التوحيد وغيره، لكن هذه بالتركيز لأنه كان قد قصدها في الماضي، هذا من كمال توبته، ولو أن إنساناً ضلل شخصاً آخر مثلاً: أقنعه باللواط والعياذ بالله، أو بمقدماته، قال: هذه لا شيء فيها، فذاك المسكين كان قد غرر به، يجب عليه أن يبين له: يا أخي ما قلته لك سابقاً خطأ وكان من الشيطان، وأنا أستغفر الله منه وهذا حرام، وهذه لا تجوز، لأنه كان قد ضلله، إذا لم ينتبه الشخص الآن ولم تتغير الفكرة لديه وما زالت في ذهنه أنها ليس فيها شيء وأنه شيء شرعي مثلاً، فعليه عليه أن يبين له ما قد أقنعه به في الماضي.