إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخواني! تكلمنا في الخطبتين الماضيتين عن منكراتٍ تهاون بها الناس، وعن الوعيد الذي توعد الله به من فعل تلك المنكرات، ومن باب المقابلة وإكمال الصورة؛ فإننا نذكر في هذه الخطبة طائفة من الأعمال الخيرة التي يثيب الله عليها فاعلها أجراً عظيماً؛ لنعلم سعة رحمة الله من جهة، ومعنى اسمه (الكريم) من جهة، ومعنى أنه ذو الفضل العظيم من جهة أخرى، ليزداد الذين آمنوا خيراً؛ لأن العمل الصالح داخل في الإيمان، ولكي تصعد همم الذين يُريدون وجه الله والدار الآخرة، فينشطون للأعمال الصالحة من جهة أخرى.
إن أبواب الخير رحمةٌ من الله يفتحها لعباده، فالعاقل من اغتنم الفرصة وولج هذه الأبواب، والمحروم الغافل المسكين من فاتت عليه أعمال الخير فلم يعملها.
ونحن نعلم -أيها الإخوة- أن كثيراً من المسلمين في قلوبهم خير، وأنه مهما طغى على هذا الخير من الذنوب فإنه يوماً من الأيام قد تستيقظ حاسة الخير النائمة في نفسه؛ فيلجأ إلى الله عز وجل بهذه الأعمال.