والذي يظن أن موضوع التوبة هو مهم فقط بالنسبة للعصاة المذنبين أرباب الفواحش والمنكرات إنسان مخطئ جداً؛ لأننا في كل يوم نقصر في حق الله عز وجل، وقد لفت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله النظر إلى مسألة مهمة فقال: إن الذنوب تحصل في نوعين: ترك الواجبات، وفعل المحرمات.
وكثير من الناس الذين يبدو على ظاهرهم الالتزام بهذا الدين والعمل له؛ يتركون أشياء من الواجبات، فهم قد لا يقعون في منكرات وفواحش، لكنهم يتركون أشياء من الواجبات، وهذا الترك يحتاج إلى توبة، وهذا التقصير لابد من استدراكه بالاستغفار والندم، والعزم على المواصلة، والسير إلى الله سيراً حثيثاً.
وكثير من الذين يشتغلون بالدعوة إلى الله عز وجل يصابون بآفات وأمراض أثناء سيرهم في الطريق؛ من أنواع البرود والتقهقر والتراجع، وغيبة تخرج مخرج جرح وتعديل ليست عند الله شيئاً، وطعن بعضهم في بعض، والذي يحصل في قلوب بعضهم من التكبر على خلق الله هو في الحقيقة مرضٌ مزمن وخطير يحتاج إلى توبة.
أضف إلى ذلك احتقار بعض الصالحين لبعض المذنبين، والنظر إليهم بعين النقص؛ مع أنهم ربما يكونون في حالة ندم ترتفع معها أعمال قلوبهم في بعض الأحيان، لتكون أحسن من أعمال قلوب بعض الصالحين الذين حصل في نفوسهم هذا الكبر والغرور والاحتقار لخلق الله، وسنضرب لذلك أمثلة ونسوق عليها أدلة يتبين فيها حجم هذه المشكلة.