للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العلاقة الزوجية تتطور من مرحلة إلى أخرى]

وأريد أن أقول -أيها الأخوة- في مطلع الكلام عن المشكلات التي ذكرناها من قبل، نقطة من النقاط التي تحدث في الحياة الزوجية.

البداية أول ما يدخل الإنسان بزوجته أو يعقد عليها، من العقد إلى وقت نشوء المشكلات تمر الحياة الزوجية بمراحل بعد العقد في فترة أحاديث ودية جداً، وتبادل الأحاسيس والمشاعر، والإنسان يدخل حياة الزوجية ويحس أن له طرفاً آخر مرتبطاً به، وأنه مقبل على شيء جديد، وأن هذه لذة أباحها الله عز وجل، وأنه سيقيم الآن علاقات أسرية، ولذلك يبدأ كثير من الشباب يكلمون زوجاتهم التي عقد عليها، ماذا سنقرأ؟ وماذا سنسمع من الأشرطة؟ وكيف سنقوم الليل في المستقبل؟ وكيف سنربي الأولاد؟ ويتكلمون عن أحلام كثيرة وعن قضايا شرعية، ونسأل المشايخ وإلى آخره، ويتواصى معها، قرأت كتاب كذا، وسمعت شريط كذا، وهي تقول له: حفظت سورة كذا، وحضرت محاضرة كذا، وهكذا بالهاتف قبل الدخلة، بعد الدخلة فترة مجاملة.

فترة المجاملة هذه عبارة عن مدارات وكلام طيب وأشياء من العسل، ولكن فترة المجاملات هذه بعد حين من الزمن تبدأ في الانحسار، وإذا انتهت المجاملات ظهرت المشكلات؛ لأن بعد فترة المجاملات بعد الدخلة سواء كانت أسبوعاً أو أسبوعين، شهراً أو شهرين، المهم في فترة مجاملات كل واحد يحاول أن يغطي عيوبه عن الآخر، ويحاول أن يراعي نفسية الآخر ومشاعر الآخر، والآن هما مقدمان على حياة جديدة وعلاقة جديدة، ويريد أن يكسب ودها وتكسب وده وهكذا.

بعد فترة المجاملات تظهر الشخصيتان على حقيقتهما، تبدأ المجاملات تنحسر وتبدأ المشكلات تظهر، وتبدأ عيوب الزوج وعيوب الزوجة في الظهور، مثلاً: قضية العناد كانت مخفية فالآن ظهرت، قضية عيوب في التعامل وأشياء في الاحتكاك قوي كان غير موجود في فترة المجاملات والآن ظهر، وتبدأ المشكلات والاحتكاك والمصادمة، وقد تكون الطبائع فيها اختلاف لكن في فترة المجاملات كان في تغطية من الطرفين، فإذا انحسرت المجاملات تبدأ قضية المصادمة والمشكلات والعناد، وربما وصل الأمر إلى الشتائم والضرب إلى آخره من الأشياء الموجودة في الحياة الزوجية.

بعد فترة المصادمة هنا البيوت تختلف والأزواج يختلفون والزوجات يختلفن، فبعد انتهاء فترة المجاملات تأتي فترة المصادمات، ظهور العيوب والمشاكل، بعد فترة العيوب والمشاكل يبدأ كل طرف بالتعود على عيوب الطرف الآخر، ويبدأ كل منهما في استيعاب مشكلات الطرف الآخر، ويبدأ كل منهما أو أحدهما بمحاولة تضييق فجوة الخلاف، ومحاولة التكيف مع هذه العيوب، وهذه الأخطاء الموجودة، ومحاولة مداراة كل واحد للآخر خصوصاً إذا صارت المسألة فيها أولاد، وتبدأ الحياة تسير سيرها الطبيعي، فالمشاكل موجودة لكن وجد الاعتبار، وربما أعقبه وئام إذا وفق الله وحصل التقاء بعد ذلك، ولكن هذه الفترة الأخيرة، المرحلة الأخيرة ربما لا تحدث، وربما تستمر المصادمات والمشاكل إلى أن تنتهي القضية بالطلاق أو الموت.

وهذه المراحل التي ذكرتها تحدث في الأحيان العادية، ولكن ليس كل الزواجات تنتهي بالمواءمة في النهاية، وليس كل الزواجات فيها مشاكل في البداية فربما يكون الزواج سلساً جداً، ولذلك لا يغفل المرء لحظة واحدة عن الإقبال على الله عز وجل في أن يختار له الخير، ويختار له الأحسن والأفضل، ونحن الآن نتكلم بعد فترة المجاملات، وقد سبق أن تكلمنا في محاضرة (المرأة المسلمة على عتبة الزواج) وكانت موجهة للمرأة قبل الزواج إلى العقد، نحن الآن نتكلم في هذه اللحظات، وما سيليها من كلام، ليس بعد فترة العقد، ولا ما بعد العقد من الملاطفات، ولا ما بعد الدخلة من المجاملات، نحن نتكلم الآن عن تلك المرحلة عندما تبدأ العيوب في الظهور، وهي الفترة التي يعيشها ربما كثير من الأزواج والزوجات.