للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجلست في البيت]

والآن إلى فقرة أخرى في الصفحة التالية وهي: (اسأل مجرب) بعنوان: "وجلست في البيت" مر عام ونصف على زواجي وما زلت متمسكة بهذه العادة السيئة، زوجي يعمل في المطار، وهذا يتحتم أن يغير دوامه كل شهرين فتارة الصباح، وأخرى في العصر، وأخرى في الليل، وقد اعتدت أن أخرج معه كلما خرج للدوام أذهب إلى بيت أهلي لأنني أخاف إن جلست في البيت لوحدي، وهذه العادة جعلتني أعيش في معمعة شديدة، فأحياناً أضع طعام الغداء وعندما يخرج زوجي للدوام أخرج معه وأترك المطبخ غير مرتب، وأعود لأجد البيت منقلباً رأساً على عقب، وأستحي أن أنظر لوجه زوجي لشعوري الكامن بالتقصير التام، الغسيل، الكي، التنظيف، الطهي، كله ليس على الأمر المطلوب، وهذا أمر طبيعي فأنا أخرج معه وأعود معه، إذاً متى أعمل؟ حينما يكون موجوداً أتمكن من إنجاز العمل الضروري، والآن أصبح لدي طفل وازدادت المسئوليات، وازدادت معها المعمعة، وأحياناً آخذ الغسيل معي لبيت أهلي، وأحياناً أخرج وأنسى بعضه، حدثت صديقة لي، فضحكت مني وقالت: أتخافين من "الغول" أن يأتي ليأكلك، اجلسي في بيتك ولن يأتيك إلا الخير، اقرأي بعض السور القرآنية، وحافظي على الأذكار، واستعيني بالله وجربي، والأصلح للمرأة أن تجلس في بيتها.

أخذت بنصيحتها -وسط اضطراب شديد من زوجي- وجلست، ثم فتحت شريط قرآن، وشمرت عن ساعدي، وبدأت بالتنظيف تنظيفاً دقيقاً وكاملاً، وأديت أعمالي، وأعددت طعام العشاء، وجاء زوجي ووجهه فرح مستبشر للمرة الأولى، وقال بالحرف الواحد لما رأى منظر البيت من الداخل والطعام جاهز: الآن أصبح لي بيت أتشوق للعودة إليه.

وهكذا أصبحت ربة بيت وأماً وزوجة ناضجة، ولهذا تمكنت من الاستفادة، ففي وقت الفراغ أجلس لأقرأ، أو استمع شريطاً، كما أن أهلي أصبحوا يشتاقون إلي أكثر من ذي قبل، فأنا لم أعد كل ساعة عندهم، وإنما أذهب لزيارتهم من وقت لآخر، أو عندما يكون دوام زوجي ليلاً أحياناً.