وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون، وفي رواية:(وتدنو الشمس من رءوسهم فيشتد عليهم حرها ويشق عليهم دنوها، فينطلقون -من الضجر والجزع مما هم فيه- يبحثون عن مخرج الناس يوم القيامة) يبحثون عن حل لهذا الكرب العظيم الذي أصابهم؛ لأن الحر يوم القيامة له ثلاثة مصادر: أولاً: الشمس التي تدنو من رءوس الخلائق.
ثانياً: التزاحم والتلاصق بالأجساد وحرارة الأنفاس.
ثالثاً: جهنم؛ لأنه يؤتى بها إلى أرض المحشر تجر لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، ولها زفير وشهيق يرى من بعيد، فيجتمع على الناس الحر من ثلاث جهات: دنو الشمس من فوق الرءوس، وتقريب جهنم، وتلاصق الأجساد وطلاقة الأنفاس، وهذه مسألة الأنفاس معروفة، لو أننا وضعنا أشخاصاً وملأنا غرفة بهم سيصابون بحر نتيجة الاختناق من الأنفاس وحرارة الأجساد، كل واحد من هذه الأسباب كافٍ بأن الناس يصابون بكرب عظيم، فكيف إذا اجتمعت كل الثلاثة مع بعض؟ ولذلك قال:(فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون -فليس الحر هنا يطاق ويحتمل بل فوق التحمل، ولذلك يموج بعضهم في بعض ويدخل بعضهم في بعض- ويبحثون عن مخرج ويشق عليهم دنوها فينطلقون من الضجر والجزع مما هم فيها) فإذاً حر وضجر وجزع وفي رواية: (فيفظع الناس لذلك والعرق كاد يلجمهم) العرق يرتفع مستواه عند بعضهم حتى يلجمهم كاللجام على الفرس فيغطي الفم.