كذلك من الأشياء والأخطاء في التصورات: ماذا يمكن الاستفادة من الواقع، فبعض الناس يقولون: هؤلاء مثلاً أهل الدين ماذا عندهم غير أن الأغاني والتلفزيون حرام؟ ما هو الخطأ؟ تجد الخلل في التصور أنهم لا يعرفون مدى الاستفادة من الشخص، أو يقولون: هذا العالم ماذا عنده غير هذه القضايا الفقهية في الطهارة؟ لا يعلمون أنه يمكن الاستفادة منه في أشياء أخرى كثيرة، وكذلك تجد حتى شباب الصحوة يقولون: هذا الخطيب ماذا عنده؟ ليس عنده شيء جديد، وهذا الكتاب ليس فيه شيء جديد، وهكذا تجد استحقار الأشياء، أنت الآن إذا قرأت القرآن عشرات المرات؛ هل يمكن أن تقول: ليس فيه شيء جديد؟! يمكن الاستفادة من جميع الأشياء، وأخذ الدروس حتى من البهائم، فالعلماء أخذوا دروساً من النمل والنحل، اقرأ ما كتبه ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة، حتى إنهم لما رأوا طائرين يطيران معاً؛ اتضح أن هذا جناحه مكسور وهذا جناحه مكسور، ولا يمكنهما الطيران إلا بالتعاون معاً جناح من هذا وجناح من هذا.
فإذاً: مسألة الاستفادة من الناس والدروس ينبغي أن تكون عائدة إلى تصور صحيح في إمكانية توظيف الحدث واستغلال الفائدة من أي شيء، مَنِ الذي علم أبا هريرة أن آية الكرسي قبل النوم وقاية من الشيطان؟ استفاد أبو هريرة هذه الفائدة من الشيطان نفسه، فهو الذي علمه إياها، لما جاء في صورة رجل يأخذ من الصدقة ويسرق، فأمسكه وقد رآه في المرة الأولى والثانية والثالثة.