استوطن اليهود يثرب، وجاءوا إلى الحجاز عامة نازحين من الشام في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، عندما هيمن الرومان على بلاد مصر والشام، فأدى ذلك باليهود إلى الهجرة إلى شبه جزيرة العرب، ووصلوا إلى يثرب على مجموعات واستقروا بها، ومنهم يهود بني النضير وبني قريظة، واستقر يهود بني النضير وقريظة في حرة واق وهي أخصب بقاع المدينة، وكذلك جاء بنو قينقاع الذين قال بعض المؤرخين: إنهم كانوا عرباً تهودوا، وقال بعضهم: إنهم كانوا يهوداً أصليين، وغير هؤلاء من اليهود، مثل بني عكرمة ومحمر وزعورة والشطيبة وجشم وبهدل وعوف وغيرهم.
وكان عدد هؤلاء بالمئات، حتى إن المؤرخين قد ذكروا أن المقاتلين من بني قينقاع كانوا سبعمائة، ومثلهم تقريباً من بني النضير، وما بين السبعمائة والتسعمائة من بني قريظة، فالمقاتلون من يهود القبائل الثلاث يزيدون قليلاً على الألفين، وهناك غيرهم ممن يسكنون في أماكن متناثرة من يثرب.
وقد خضع ذلك المجتمع لسيطرتهم قبل أن يقوى كيان العرب في ذلك الوقت، ونقلوا من الشام أفكاراً مثل: بناء الآطام وهي الحصون، حيث بلغ عددها في يثرب تسعة وخمسين حصناً، وكذلك حملوا معهم بعض الخبرات الزراعية والصناعية من بلاد الشام مما أدى إلى ازدهار البساتين في المدينة، وكذلك تربية الدواجن والماشية، وبعض الصناعات الأولية كالنسيج والأواني، وكان على رأس الأعمال الاقتصادية التعامل بالربا الذي يتقنه اليهود في كل مكان.