كان الشيخ رحمه الله يداوم على العمل، فإذا عمل عملاً لا يتركه؛ امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه في المداومة على العمل:(أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) فكان لا يترك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولو سافر وانشغل قضاها بعد سفره، ولما اعتاد الذهاب إلى بيت الله الحرام ومكة للتدريس، استمر على هذه العادة، ولم ينقطع حتى في السنة التي مات فيها، وفي مرض الموت ذهب إلى هناك على عادته يعبد الله ويدرس دين الله، ولما رتب الدروس لطلاب العلم لم يكن ينقطع عن ذلك، ولم تتوقف الدروس إلا فيما ندر، وهذا مما رغب طلبة العلم فيه، فجاءوا إليه من أماكن بعيدة، بينما ترى أنت أحياناً اليوم عدداً ممن يفتح دروساً سرعان ما يغلقها، فلا يصبر الذي يُلقي ولا الذين معه، وسرعان ما ينفرط العقد، وقضية العلم -أيها الإخوة- لا بد فيها من صبرٍ ومصابرة.
وكان الشيخ -رحمه الله- يواظب على الصدقة صباح كل يوم جمعة، ولم يترك هذه المواظبة إلا لما تبين له أنه لم يثبت في ذلك سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان -رحمه الله- مداوماً على قراءة ورده من القرآن، يقرأه وهو ماشٍ إلى الصلاة، كان لا يركب بل يمشي، ولا يقبل أن يقاطعه أحدٌ وهو ذاهبٌ إلى المسجد؛ لأن هذا وقت الورد -ورد القرآن- فإذا اضطر إلى كلامِ صاحبِ الضرورة وتأخر شيئاً ما في قراءة الورد ووصل إلى المسجد ولم يتم ورده وقف عند باب المسجد ولم يدخل إلى إقامة الصلاة حتى ينهي ورده، فيستغرب بعض الذين يرونه: الشيخ واقفاً وليس معه أحد، ماذا يفعل؟ وفي الحقيقة أنه يتم ورده.