[حديث النعمان بن بشير]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:١].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
الحمد لله الذي جعل العدل الميزان بين الخلق، والحمد لله الذي قامت السماوات والأرض بالعدل بحكمته عز وجل، والعدل أساس مصالح البشر، والشريعة مبنية على العدل، وهو من أحكم الحاكمين، وهو العدل اللطيف الخبير العليم الحكيم، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد والنسائي: (اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم).
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني: (اعدلوا بين أولادكم في النحل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف) والنحل: هو ما ينحله الوالد لولده من العطايا والهدايا.
وقد أخرج أبو داود في سننه باب في الرجل يفضل بعض ولده في النحل، عن النعمان بن بشير قال: (أنحلني أبي نحلة غلاماً له -عنده عبد أعطاه لولده- قال: فقالت له أمي - عمرة بنت رواحة -: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشهده، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: إني نحلت ابني النعمان نحلاً، وإن عمرة سألتني أن أشهدك على ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك ولد سواه؟ قال: قلت نعم، قال: فكلهم أعطيت مثلما أعطيت النعمان؟ فقال: لا.
فلما قال لا، قال عليه الصلاة والسلام: فأرجعه) وفي رواية: (فرده) وفي رواية: (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، فرجع أبي في تلك الصدقة) وفي رواية: (فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور) أي: ظلم، وفي رواية: (فأشهد على هذا غيري) وفي أخرى: (أيسرك أن يكون بنوك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً) وفي لفظ: (أفكلهم أعطيتهم مثل ما أعطيته؟ قال: لا.
قال: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق) وكل هذه الروايات والألفاظ في الصحيح.