٥٦٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ) جاء عند البخاري (إذا وضعت الجنازة، واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين تذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان لو سمعه لصعق).
(صَالِحَةً) قائمة بحقوق الله وحقوق الناس.
• ما حكم الإسراع بالجنازة؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه مستحب.
قال في المغني: لا نعلم فيه خلافاً بين الأئمة.
وقال النووي: واتفق العلماء على استحباب الإسراع بالجنازة إلا أن يخاف من الإسراع انفجار الميت أو تغيره ونحوه فيتأنى.
القول الثاني: أنه واجب.
وهو قول ابن حزم.
لأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك (أسرعوا).
• قوله -صلى الله عليه وسلم- (أسرعوا .. ) هل المراد الإسراع بتجهيزها أو بحملها إلى قبرها؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: المراد الإسراع بحملها إلى قبرها.
ورجحه القرطبي، والنووي.
لقوله ( … فشر تضعونه عن رقابكم).
ورد النووي القول الثاني الآتي وقال: والثاني باطل مردود بقوله (فشر تضعونه عن رقابكم).
القول الثاني: المراد الإسراع بتجهيزها وغسلها والصلاة عليها.
قال الفاكهي: ما رده النووي جمود على ظاهر لفظ الحديث، وإلا فيحتمل حمله على المعنى، فإنه قد يُعبّر بالحمل على الظهر، أو العنق عن المعاني دون الذوات، فيقال: حمل فلان على ظهره، أو على عنقه ذنباً، أو نحو ذلك ليكون المعنى في قوله -صلى الله عليه وسلم-
(فشر تضعونه عن رقابكم) إنكم تستريحون من نظر من لا خير فيه، أو مجالسته ونحو ذلك، فلا يكون في الحديث دليل على رد قول هذا القائل، ويقوي هذا الاحتمال أن كل حاضري الميت لا يحملونه، إنما يحمله القليل منهم، لا سيما اليوم، فإنما يحمله في الغالب من لا تعلق له به.
قال الحافظ: ويؤيده - يعني كلام الفاكهي - حديث عن ابن عمر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره) أخرجه الطبراني بإسناد حسن، ولأبي داود من حديث حصين وَحْوَح مرفوعاً (لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله … ).