للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧٧٧ - وَعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى اَلْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.

٧٧٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ -أَيْ: اَلنُّزُولَ بِالْأَبْطَحِ- وَتَقُولُ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلاً أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

===

(بِالْمُحَصَّبِ) على وزن محمد، وهو اسم مكان متسع بين جبلين، وهو إلى منى أقرب من مكة، سمي بذلك لكثرة ما به من الحصى.

(بِالْأَبْطَحِ) وهو المحصب. قال النووي: وَ (الْمُحَصَّبُ) بِفَتْحِ الْحَاء وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ (وَالْحَصْبَة) بِفَتْحِ الْحَاء وَإِسْكَان الصَّاد، وَ (الْأَبْطَح) وَالْبَطْحَاء وَخَيْف بَنِي كِنَانَة اِسْم لِشَيْءِ وَاحِد، وَأَصْل الْخَيْف كُلّ مَا اِنْحَدَرَ عَنْ الْجَبَل وَارْتَفَعَ عَنْ الْمِيل.

• هل نزول المحصب سنة أم وقع اتفاقاً؟

اختلف العلماء في ذلك والصحيح أنه سنة.

وهو مذهب جمهور العلماء.

قال النووي: … فَحَصَل خِلَاف بَيْن الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ. وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَالْجُمْهُور اِسْتِحْبَابه اِقْتِدَاء بِرَسُولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ وَغَيْرهمْ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ لَا شَيْء عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبّ أَنْ يُصَلِّي بِهِ الظُّهْر وَالْعَصْر وَالْمَغْرِب وَالْعِشَاء وَيَبِيتُ بِهِ بَعْض اللَّيْل أَوْ كُلّه اِقْتِدَاء بِرَسُولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-.

قال في طرح التثريب: وهو قول الأئمة الأربعة.

أ-لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في حديث أنس.

ب- عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ بِمِنًى (نَحْنُ نَازِلُونَ غَداً بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ، وَذَلِكَ إِنَّ قُرَيْشاً وَبَنِي كِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْنِى بِذَلِكَ الْمُحَصَّبَ) متفق عليه.

فالمحصب والأبطح والبطحاء وخيف بني كنانة أسماء للموضع الذي نزل به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين خرج من مكة يوم النفر قبل أن يودع، وهو موضع بين مكة ومنى.

وهذا يدل على أن نزوله -صلى الله عليه وسلم- بالمحصب كان قصداً، لهذه المصلحة، شكراً لله تعالى.

قال النووي: قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: وَكَانَ نُزُوله -صلى الله عليه وسلم- هُنَا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الظُّهُور بَعْد الِاخْتِفَاء، وَعَلَى إِظْهَار دِين اللَّه تَعَالَى.

ب- وعن ابن عمر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح) رواه مسلم.

ب- ولفعل الصحابة، فعن سالم: (أن أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون بالأبطح).

القول الثاني: ليس بسنة.

وهذا مروي عن ابن عباس وعائشة.

أما عائشة، فلحديث الباب (أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ -أَيْ: اَلنُّزُولَ بِالْأَبْطَحِ- وَتَقُولُ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلاً أَسْمَحَ لِخُرُوجِه).

وأما ابن عباس فقال (التحصيب ليس بشيء، وإنما منزل نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متفق عليه

والصحيح الأول.

فإن قيل: ما الجواب عن ما ورد عن عائشة وابن عباس؟

قال الحافظ: والحاصل أن من نفى أنه سنة كعائشة وابن عباس أراد أنه ليس من المناسك، فلا يلزم بتركه دم، ومن أثبته كابن عمر أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله -صلى الله عليه وسلم- لا الإلزام بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>