• بماذا أجاب الجمهور عن حديث ابن عباس (كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر … )؟
أولاً: أنه منسوخ.
قال ابن حجر: دعوى النسخ فنقل البيهقي عن الشافعي أنه قال يشبه أن يكون بن عباس علم شيئاً نسخ ذلك قال البيهقي: ويقويه ما أخرجه أبو داود من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس قال: كان الرجل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً فنسخ ذلك.
وممن رجح النسخ ابن حجر فقال بعد بحث للمسألة: فالذي وقع في هذه المسألة نظير ما وقع في مسألة المتعة سواء، أعني: قول جابر: أنها كانت تفعل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وصدر من خلافة عمر، قال: ثم نهانا عمر عنها فانتهينا، فالراجح في الموضعين تحريم المتعة وإيقاع الثلاث؛ للإجماع الذي انعقد في عهد عمر على ذلك، ولا يحفظ أن أحداً في عهد عمر خالفه في واحدة منهما، وقد دل إجماعهم على وجود.
الجواب الثاني:: حمل الحديث على غير المدخول بها.
قال ابن حجر: وهو جواب إسحاق بن راهويه وجماعة وبه جزم زكريا الساجي من الشافعية.
قال الشيخ الشنقيطي: وحجة هذا القول: أن بعض الروايات كرواية أبي داود جاء فيها التقييد بغير المدخول بها، والمقرر في الأصول هو حمل المطلق على المقيد، ولا سيما إذا اتحد الحكم والسبب كما هنا.
الجواب الثالث: ليس في الحديث ما يدل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي جعل ذلك ولا أنه علم به وأقر عليه، وهذا جواب ابن المنذر وابن حزم ومن وافقهما.
وهناك أجوبة أخرى ذكرها ابن حجر والشنقيطي.
فائدة: قال ابن رجب في آخر كتابه: اعلم أن ما قضى به عمر على قسمين:
أحدهما: ما جمع فيه عمر الصحابة وشاورهم فيه فأجمعوا معه عليه، فهذا لا يشك أنه الحق كهذه المسألة، والعمريتين، وكقضائه فيمن جامع في إحرامه أنه يمضي في نسكه وعليه القضاء والهدي ومسائل كثيرة.
الثاني: ما لم يجمع الصحابة فيه مع عمر، بل مختلفين فيه في زمنه، وهذا يسوغ فيه الاختلاف كمسائل الجد مع الإخوة.