بَابُ اَلْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ
٩٠٧ - عَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: فَسَأَلُوا أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ اَلثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللَّه -صلى الله عليه وسلم- نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا "، فَقَرُّوا بِهَا، حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ -.
وَلِمُسْلِمٍ: (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَهُ شَطْرُ ثَمَرِهَا).
===
(عامل النبي -صلى الله عليه وسلم- أهلَ خيبر) المعاملة: التعامل مع الغير، وخيبر: بلدة زراعية شمال المدينة، كان يسكنها طائفة من اليهود، فتحت في المحرم سنة سبع من الهجرة.
(بشطرِ ما يخرج منها) الشطر المراد هنا النصف، والمعنى: أنه عاملهم بنصف ما يخرج من ثمرها وزرعها مقابل عملهم ونفقتهم، والنصف الآخر للمسلمين لكونهم أصحاب الأصل.
(مِنْ ثَمَرٍ) وفي رواية لمسلم (ونخل وشجر) دليل على جواز المساقاة.
(أَوْ زَرْعٍ) دليل على جواز المزارعة.
• عرف المساقاة.
المساقاة لغة: مشتقة من السقي لأن السقي هو أهم الاعمال الذي يستفيد منها التمر.
واصطلاحاً: أن يدفع الرجل شجره إلى آخر ليقوم بسقيه وعمل سائر ما يحتاج إليه بجزء معلوم من ثمره مشاع.
مثال: إنسان عنده أرض وعليها أشجار من نخيل وأعناب ورمان وغيرها، فأعطاها شخصاً ينميها بجزء من الثمرة. (كالثلث مثلاً).
• ما دليل جوازها؟
حديث الباب (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ).
فقوله (من ثمر) هذه مساقاة.
وقوله (أو زرع) هذه مزارعة.
فجمهور العلماء على جوازها.
قال ابن رشد: أما جوازها - يعني المساقاة - فعليه جمهور العلماء مالك، والشافعي، والثوري، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة، وأحمد، وداود
لحديث الباب، وجاء في بعض الروايات (أنه -صلى الله عليه وسلم- ساقاهم على نصف ما تخرجه الأرض من الثمرة).
وفي رواية للبخاري (أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها).
فقوله (أن عملوها) يراد به المساقاة، حيث يطلق أهل المدينة على المساقاة المعاملة.
وقوله (أن يزرعوها) يراد بها المزارعة، فالحديث جمع بين عقدي المساقاة والمزارعة.
وذهب أبو حنيفة إلى عدم جوازها، لأنها إجارة بثمرة لم تخلق، أو إجارة بثمرة مجهولة.
والراجح قول الجمهور.